تشير التقديرات الاقتصادية إلى أن تحقيق عوائد غير نفطية تتجاوز 100 مليار دولار، أمر ليس بالصعب، في ظل العمل الدؤوب الذي يقوم به ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نحو هيكلة العديد من القطاعات الاقتصادية، وتفعيل برامج الخصخصة في القطاعات الحيوية، مؤكدة على إعادة هيكلة الدعم، وفر على الدولة التزامات مالية ضخمة، يمكن ضخها في مشاريع تنموية متنوعة، وتوفير دخل إضافي، إضافة إلى تفعيل عدد من القطاعات الاقتصادية المدرة للدخل لزيادة إيراداتها. وفي هذا السياق، يقول الاقتصادي محمد العمران: إن الوصول لرؤية سمو الأمير محمد بن سلمان بتحقيق عوائد تصل إلى 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، ليس صعبا، خصوصا أن هذا الرقم يمثل 5 % فقط من حجم الصندوق السيادي الذي أعلنه سموه خلال حديثه. ورأى أن تحقيق ذلك سيتم من خلال تفعيل برامج الخصخصة لتشمل 8 قطاعات رئيسية، منها الصحة والسياحة والخدمات والمطارات، وغيرها من القطاعات الحيوية، إضافة إلى استقطاب الشركات الاستثمارية الأجنبية، ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة على الاقتصاد الوطني، لافتا إلى ضرورة التركيز على الجانب الصناعي والقطاعات الإنتاجية الأخرى مثل الزراعة، من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا الجانب، ورفع معدل سد الاحتياج المحلى إلى 60 % بدلا من 40 % حاليا. من جهته اعتبر الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين أن رؤية ولي ولي العهد لتطبيق مرحلة ما بعد النفط، هي أمر لافت، خصوصا أنها ترتبط ببعض البرامج العملية التي يمكن أن تساهم في تحقيق هذا الهدف المالي. وأعتقد أن إعادة الدعم، ربما وفر على الدولة التزامات مالية كبيرة، يمكن استثمارها في مشروعات تنموية متنوعة، وتوفير دخل إضافي، قد يكون مرتبطا بأربعة جوانب رئيسية: الأول على علاقة بتفعيل بعض القطاعات الاقتصادية المدرة للدخل لزيادة إيراداتها بما يتوافق مع حجمها، وما يتوافق مع مثيلها في المنطقة، وأشير هنا إلى الموانئ والمطارات، فمساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، ما زال محدودا في الوقت الذي تحقق فيه موانئ ومطارات الدول المجاورة دخلا كبيرا، ومساهمة فاعلة في الناتج الاجمالي. أما الجانب الثاني فهو مرتبط بتحصيل الرسوم الحكومية المفقودة لأسباب تحصيلية أو إدارية رقابية صرفة، وخير مثال على ذلك هو الرسوم البلدية، التي أعتقد أن ما يحصل منها لا يصل إلى 40 % مما يفترض تحصيله قانونا. معتقدا أن هناك فاقدا ماليا كبيرا مرتبطا بالأراضي البلدية التي يتم طرحها للاستثمار، وبعضها فرص من الدرجة الأولى، غير أن إيجاراتها محدودة جدا. إذ أن إعادة تقييم تلك الاستثمارات وفق إيجاراتها العادلة، يمكن أن يزيد دخل الحكومة بشكل كبير. ويتمثل المحور الثالث في ضريبة القيمة المضافة والضرائب على المواد المضرة والسلع الاستهلاكية، وأحسب أن القرار فيها ربما احتاج إلى توافق بين دول الخليج، وليس السعودية فحسب. إذ يبدو أن دول الخليج توصلت إلى اتفاق حول ضريبة القيمة المُضافة لدعم الدخل وتنويعه. غير أن تطبيق الضرائب؛ بغض النظر عن نسبتها، ستفرض على الحكومات الخليجية مسؤوليات أكبر تجاه دافعي الضرائب، وهو أمر يفترض أن تتم مناقشته بشكل متوازٍ مع مناقشة البرامج الضريبية الجديدة. أما المحور الرابع فقد يكون مرتبطا بالأجانب الذين لا يدفعون في الوقت الحالي أية ضرائب، على رغم الاستفادة من الخدمات وبرامج الدعم الحكومي دون تمييز، مضيفا أن تطبيق ما سبق يمكن أن يوفر دخلا إضافيا من خارج إيرادات النفط، إلا أن الدخل الأكبر يمكن توفيره من خلال رفع حجم الإنتاج المحلي، وتنمية قطاعات الصناعة، وزيادة الصادرات، وهي أمور تحتاج إلى خطة إستراتيجية ملزمة، تضمن للمملكة تحقيق هدف التنوع الاقتصادي، والدخل المستدام بعيدا عن إيرادات النفط.