وصف عدد من المثقفين والشعراء حال الأندية الأدبية حاليا بتكرار الفعاليات وحب الظهور والتصوير الزائف، إضافة إلى أن غالبية أعضائها اتخذوها مهنة للبريستيج فقط، مستذكرين حال الأندية الأدبية في بداية تأسيسها، ومؤكدين أنها كانت جامعة تخرج منها الكثير من المبدعين والنقاد، مشيرين إلى أن عددا كبيرا من أعضاء الأندية الأدبية المنتخبين ليست لهم علاقة بالثقافة والأدب. الشاعر مسفر الغامدي قال «لو قدر لنا أن نتذكر نادي جدة الأدبي في حقبة الثمانينات من القرن الماضي، فإننا سنستعيد الصورة التي يجب أن تكون عليها كل الأندية الأدبية. لم يكن مجرد ناد أدبي بل كان جامعة تخرج منها الكثير من المبدعين والنقاد، وقامت من حولها الملاحق الثقافية، وخرجت منها الكثير من الأفكار والرؤى، وتصادمت فيها المدارس الفكرية، لتنتج حراكا ثقافيا ألقى الكثير من الحجارة في المياه الراكدة منذ قرون. هذه الصورة لم نبن عليها مع الأسف بل وأدناها في المهد، والمحصلة هي هذه الأندية التي تكاثرت الآن، لا لتخلق حراكا ثقافيا حقيقيا، بل لتراكم في كثير من الأحيان صنوفا من المتسلقين، وأطيافا من الانتهازيين أولئك الذين ينظرون إلى العمل الثقافي كنوع من البريستيج، والتقاط الصور الزائفة». وأضاف «من أهم العوامل لهذا التدهور الذي يهيمن على الأندية غياب الإرادة لتطويرها، لكي تتحول إلى مراكز ثقافية تعنى بأشكال الإبداع كافة، من أدب ومسرح وموسيقى وغناء وتشكيل وسينما». وشدد الغامدي على «ضرورة وجود إدارات خلاقة وجريئة تستطيع أن تقاوم الجمود». إلا أنه عاد للمثقف بقوله «لا أستطيع أن ألغي في هذا السياق الدور السلبي للمثقف الحقيقي. هناك نوع من اللا مبالاة والنظر بنوع من الشماتة والتعالي، وهناك نظرة ترى في الأندية ومناصبها ضربا من المغانم (الصغيرة)، التي يجب أن يترفع عنها المثقف». الكاتب الدكتور عائض الزهراني قال «لا نستطع أن نفصل بين مرحلة تأسيس الأندية الأدبية ووضعها الحالي، هناك تباين في ما تطرحه بعض الأندية إلا أن مرحلة التأسيس كانت تستقطب المثقف بكل تفاصيله، أما اليوم فأصبح الشاعر والروائي والقاص هو الهدف من برامج وأنشطة الأندية الأدبية، كما أن هناك عددا كبيرا من الأندية الأدبية تحصر نشاطها فقط على المحاضرة والأمسية الشعرية وقد تكون لشخصيات غير معروفة»، مشيرا إلى أن عددا قليلا من الأندية استطاعت أن تتوهج وتتميز. وعزا القرني ضعف أنشطة بعض الأندية الأدبية لانتخاب عدد كبير من أعضائها ممن ليست لهم علاقة بالثقافة وذلك عن طريق ثقافة الانتخابات التي تسمح بالتكتلات من أجل فوز أحد المنتخبين. فيما أكدت الروائية مها باعشن أن الأندية الأدبية تسعى للتطوير من نفسها بعيدا عن بروتوكولات الوزارة وأحيانا تتخبط في نفس دائرة التطوير، وأحيانا يذهب بها التطوير إلى تفرع غير مجد لكنها محاولات تشكر عليها. وقالت «على الأندية الأدبية انتقاء المجالات في المضمون أكثر حتى تصل إلى الجهة الصحيحة». رئيس جمعية الثقافة والفنون بالطائف الفنان فيصل الخديدي قال «مجمل ما تقدمه الأندية الأدبية جيد ومتقارب وضمن قوالب متشابهة ومشتركة ومتكررة غالبا بين مختلف مناطق المملكة بين أنشطة منبرية وطباعة كتب وقليل من المهرجانات أو الورش والجوائز». وأضاف «التطوير يأتي في الأندية على وجهين إما بالانطلاق به مما هو موجود حاليا بها والبناء عليه بفعاليات أكثر تطويرا وانتقائية للضيوف والمناشط، والعمل على تقديم الأدباء والمثقفين أصحاب التجارب وتقديمهم كنماذج يحتذى بهم، وتقديم منجزاتهم وطباعتها، وإما الاشتغال على بناء جديد يبدأ بالكوادر الشابة من المثقفين والأدباء وفتح المجال لهم من خلال صيغ مهرجانية وبناء تأسيسي لتخرج أجيال متتالية تستفيد من الأندية وتعمل وفق منهجية وآلية واضحة ومنفتحة على جميع أجناس الثقافة والأدب، وتقدم الشباب بما يليق بهم».