يردد جمهرة من ادبائنا ومثقفينا التردي الذي اصاب الساحة الثقافية فجعلها تعيش سنوات طويلة مع الصمت اضافة الى تراجع المؤسسات الثقافية في مشاريعها الادبية والفكرية والثقافية، الامر الذي ساهم في اتساع مساحة الصمت فأضحى هذا الهدوء سمة ملازمة لبعض المدن ولاسيما في فصل الصيف. وإحياءً لهذا الصمت وبث الروح فيه وإرواء شرايينه وزرع مساحات من الاخضرار والتفاؤل، وعلى غرار اتخاذ عاصمة عربية للثقافة العربية مطلع كل عام، طرحت «ثقافة اليوم» اقتراحاً لاختيار مدينة سعودية في كل عام عاصمة للثقافة حتى تعود الحياة للركود الذي انتابها وحتى نحرك ركودنا الثقافي ويأخذ في الجريان فيزهر بستان الادب وتخضر المعرفة، لا سيما وان وزارة الثقافة والاعلام تسعى جاهدة الى خلق وتفعيل الساحة الثقافية وتقديم كل ما يؤجج الابداع ويساعد في خلق وتقديم الجديد. ثقافة الخميس عرضت هذا المقترح على بعض الاصوات الثقافية الفاعلة فجاءت هذه الآراء. في البدء تحدث صاحب الفكرة الناقد محمد بودي والذي قال متفائلاً: قبل نحو خمس سنوات اختيرت مدينة الرياض عاصمة للثقافة العربية في اطار مشروع ثقافي اطلقته جامعة الدول العربية. وفي هذه الايام نشهد انطلاق فعاليات اختيار مكةالمكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية، كل هذا حراك ثقافي نحتاجه بين فترة وأخرى من اجل اخراج مشهدنا الثقافي من حالة الركود التي تعتريه في كثير من الاوقات والتي تعود لاسباب وتراكمات متعددة يطول المقام في بسطها. فالثقافة في بلادنا ثقافة غنية ومتنوعة بتنوع تضاريس الوطن من السهل الى الهضبة فالجبل، وبتنوع الجوار من البحر الى النخيل فالصحراء، ثقافة تحمل الجلال والجمال في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة حيث الحرمان الشريفان. وعلى الرغم من عموم ثقافتنا وبروزها في سائر مدن المملكة الا انه يظل هناك طابع محلي تختص به كل مدينة يضفي تميزاً يثري مشهدنا الثقافي، ومع ترامي اطراف بلادنا العزيزة واتساعها يظل التاريخ الثقافي الماضي والحاضر لكل مدينة يغيب عند بعضنا ويحضر عند الآخر، فالحاجة ملحة للتعرف على الحركة العلمية والادبية لكل مدينة من مدن المملكة، ولتجديد الدماء في حراكنا الثقافي ومده بالحيوية، وهذا يمكن حدوثه في حالة اطلاق اسم مدينة من مدن المملكة كل عام كعاصمة للثقافة السعودية على غرار اختيار عواصم للثقافة العربية. ولنبدأ بعاصمتنا الرياض ثم تليها حواضر العلم التاريخية بدءاً من مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةفالاحساء وعنيزة واوشيقر وابها وجازان وغيرها من مدن المملكة حيث تشارك كل المدن في هذه التظاهرة الثقافية والاعلامية بالتعرف على العلم والادب والتاريخ والحاضر العلمي والثقافي لكل مدينة تختار عاصمة للثقافة السعودية، ويتم استضافة عدد من ابرز المثقفين والادب والاكاديميين ورجال الاعمال واعيان المدينة (العاصمة الثقافية) للمشاركة في فعاليات اختيار مدينتهم، وكذلك مشاركة مثقفي المدن الأخرى في الحديث عن هذه المدينة في كافة المجالات واقامة مختلف الامسيات الشعرية والقصصية واصدار بعض الكتب احتفالاً بهذه المناسبة انه اقتراح اطرحه للنقاش مع المسؤولين في مختلف القطاعات سواء على مستوى امارات المناطق او هيئة السياحة او وزارة الثقافة والاعلام او غيرها من الجهات ذات الاهتمام بهذا الشأن المهم. وتؤيد الشاعرة زينب غاصب الفكرة قائلة: انا أؤيد ان يختار في كل عام مدينة من مدن المملكة العربية السعودية عاصمة للثقافة السعودية، ولابد ان ترافق هذا الاختيار المهرجانات الثقافية ومعارض الكتب والمعارض التشكيلية واصدار الكتب وهذه الفعاليات ستؤثر على المدينة ثقافياً وستنتعش الحركة الثقافية وسيتنافس الشعراء والادباء والتشكيليين لتقديم الاجمل والاروع، واتمنى ان تصاحب هذه الفعاليات بعضاً من فقرات الفنون الشعبية مع امل الا يعهد لهذا الامر لجهة واحدة بل تتشارك في صناعة هذا المهرجان الاندية الادبية والجمعيات الثقافية وادارة التعليم وامانة المدينة والقطاع الخاص. اننا في شوق لرؤية هذه الفكرة وهي تنمو في مدننا. اما القاص فارس الهمزاني فرحب بهذا الاقتراح ويراه عظيماً لكون الانشطة الثقافية بدأت تحتضر في بعض الاندية الادبية وجمعيات الثقافة والفنون. بخلاف ادبي جدة المتألق، والمدقق بفكرة ان يكون كل عام منطقة تكون عاصمة للثقافة؛ فإنه يجزم ان السعودية سوف تشهد 13 عاماً من الاحتفالات الثقافية والندوات الفكرية المتميزة؛ فالمنافسة سوف تكون عنوان الجميع، والتحدي في نيل التفوق والجدارة، وبالتالي انعكاس الفائدة على الوطن ككل، وتحريك مياهنا الثقافية الراكدة. فالمتتبع لحال مؤسستنا الثقافية يجد انها لا تختلف عن مؤسسات التأمينات الاجتماعية، فلا تجد اعضاء النادي وموظفي الجمعيات الكثر على رأس العمل الا في تاريخ 25 من كل شهر، اما الهم الثقافي فقد تحول الى هم بطني لا اكثر!. الخلاصة ان تفاعل الجميع في مثل هذه المناسبات، سوف يصهر جميع الجهود في بؤرة واحدة تتكيف مع بعض في بيئة عمل تسكنها الألفة والتواصل والعطاء المتجدد، حتى تخرج لنا بنتاج ثقافي متميز بعيداً عن التشنجات والجفاء الثقافي في بعض المناطق.. اعتقد ان الفكرة اذا طبقت فإننا سوف نحتفل سنوياً بعرس ثقافي يحمل الصبغة الوطنية من مختلف طبقات المجتمع من الرجال والنساء.. في هذه الحالة فإن مثل هذه النشاطات يستحق ان يشد اليه الرحال كل عام.ومن جهته تفاءل القاص والكاتب خالد اليوسف لكون الفكرة سوف تطوف كل المدن وقال : تتسابق عدد من المدن السعودية في مواسم السنة وخاصة الصيف، للبحث عن أسهل وأجمل الوسائل الترفيهية والترويحية لجذب الناس إلى تلك المدن المتميزة بالمناخ المعتدل والمكان المميز كالبحر، ثم بلغ تحدينا كل المسقطات وعوامل الضعف والجذب، كأن نقيم بالرياض مهرجانا صيفيا، وهي التي لاتتمتع بطقس جميل صيفا او اصطيافي أو جذب بحري أو سياحي إلا في أوقات معينة من السنة، رغم الإمكانيات الهائلة التي منحت لعاصمتنا الحبيبة لان تكون أجمل مدن العالم، وتتجاوز البيئة والطقس والاستفادة مما فيها من معطيات وتراث وتاريخ مجيد. إذن كل هذا يعطي موشرا هاما، أننا إذا اردنا التفكير بعقل وصوت عال سنستطيع ذلك، وسنعقد الاجتماعات المتتالية، وندير الأعمال من اجل نجاح أي مشروع يخدم الانسان بكل اجناسه وانواعه، من هذا المنطلق اجزم اننا اذا عقدنا العزم من اجل تبني فكرة عاصمة السعودية الثقافية سيحالفنا النجاح بكل تأكيد، حيث ان مدننا وقرانا واريافنا مهيأة بصورة شاملة لهذا النجاح لما تحتويه من إمكانيات عصرية حضرية مع حفاظنا على أصالتها وتراثها وماضيها. فاذا افترضنا اننا رشحنا لعام 1427/2006 سكاكا العاصمة الثقافية سنجد أنها جاهزة لوجود: المسارح، التراث، التاريخ، الطرق، المطار، العقول الشابة، الفنادق، بيوت الشباب، الشركات والمؤسسات التي سترعى وتدعم الفكرة، ثم في عام 2007/1428 لنأخذ الجهة المقابلة ولتكن جازان وهي ليست اقل من سكاكا بل قد تتفوق، وهذا مانبتغيه من هذه الفكرة المتداولة بين مناطقنا ومدننا، ثم بعد ذلك في جهة مخالفة جغرفيا وتاريخيا كالعلا ومايحيط بها، ثم القطيف أو الاحساء في الشرق، وهكذا بين كل المناطق والمدن التي ستتنافس في ابراز مالديها. اجزم ان هذا المشروع سيؤهل الناس قبل المدن لتبني الفكرة وأننا نملك القدرة على إحياء الثقافة بطريقة تطبيقية، لان لكل مدينة مميزات تختلف عن غيرها في تميزها، خاصة اذا تم إحياء فعاليات الثقافة بكل جوانبها وفروعها ومعارفها وهي كثيرة، ستمتلئ الليالي والأيام بالجداول النشطة والحركة الكاملة، وسيفد الناس اليها من كل مكان داخليا أو خارجيا، ولعل الخطوة الهامة في هذا التكاتف والعمل الجاد المبتكر والمتطور الجماعي الحكومي والأهلي، لان التطور الاقتصادي سيجلب الأموال المنظمين كل بحسب اختصاصه، فعصرنا عصر الاقتصاد والاستثمار، والوعي والتسابق إلى الجديد الفعال في كل جوانب الحياة. ويعرض الكاتب والروائي صالح الحسن لهذا المقترح بعضاً من الفعاليات المصاحبة لها وقال أيضاً: إن إيجاد تقليد ثقافي سعودي بما يماثل خطة عواصم الثقافة العربية في كل مدينة سعودية أمر وحيوي، وحري بأن يحيي الأجواء الثقافية بصفة عامة، وإذكاء روح المنافسة الهادفة بين المدن السعودية. ويكون ذلك بتخصيص مدينة من مدن الوطن في كل عام لتحمل الهم الثقافي السعودي تحت مسمى (عاصمة الثقافة السعودية) أو ما يماثلها من تسمية، تتناوب المدن السعودية في رعايتها، وبث دماء جديدة في إدارتها، بحيث يهب أبناء الوطن جميعهم للمشاركة في مثل هذه المناسبات الثقافية عاما كاملا، يمكن من خلاله إنجاز الكثير من المشاريع الثقافية وتحريك الراكد من شأننا الثقافي. ويمكننا في هذا السياق الإشارة إلى عدد من الفعاليات التي يمكن أن تنجزها كل مدينة عندما تكون عاصمة للثقافة العربية السعودية: -إعداد برامج ثقافية وأدبية تواكب الحدث تقوم عليها الأندية الأدبية، بحيث تغطي هذه البرامج الهم الثقافي العام، وتعرف بأدباء المنطقة وكتابها وأبرز إنتاجهم. -تطوير العمل الثقافي والفني في فروع جمعية الثقافة والفنون، بحيث تعمل على دعوة المنتمين للثقافة والفنون في منطقتها، وتشجعهم لإعداد برامج ثقافية وفنية تقوم برعايتها والإنفاق عليها. -الاستفادة من الإمكانيات المادية للأندية الرياضية وتفعيل النشاط الثقافي لديها عن طريق شغل عن قاعاتها بالندوات والمحاضرات ومن ثم ربط العمل الرياضي بالشأن الثقافي، مما سيكون له أكبر الأثر في توجيه شريحة كبيرة من أبناء الوطن إلى ميدان الثقافة ومجالاتها. -تشجيع المدارس للإسهام في العمل الثقافي والفني، وتشجيع الموهوبين منهم بإبراز مالديهم من خلال مسارح المدارس، وقاعات التربية الفنية. -التعريف بأدباء المنطقة ومثقفيها عن طريق إبراز جهودهم إعلاميا، ونشر مؤلفاتهم وإنتاجهم الأدبي. -إقامة مسابقات ثقافية وفنية لكل المراحل العمرية. -إقامة مسابقات بحثية للكبار، للكتابة عن جانب أو أكثر مما تعنى به المنطقة، أو الكتابة عن جغرافيتها وتاريخها وسير أعلامها. -إقامة أمسيات شعرية وقصصية وثقافية، واستضافة النقاد والمثقفين والأدباء لإحيائها، والمشاركة فيما يطرح فيها من أنشطة. -إنشاء موقع إلكتروني على الشبكة العنكبوتية للمنطقة، والعمل على تحديثة طول العام، على أن يتضمن التعريف بالمنطقة وأعلامها وأدبائها ومثقفيها، بحيث يصبح هذا الموقع بعد ذلك مرجعا دائما لكل ما يخص المنطقة. - إعداد دليل عن المنطقة يتضمن موقعها الجغرافي، ونبذة عن تاريخها وأبرز معالمها، وتعريف بأعلامها. - العمل على إنشاء متحف يختص بتراث المنطقة وآثارها. -إنشاء مكتبة أهلية عامة، ودعم الموجود منها. هذه عجالة المقل فيما يمكن أن تقوم به مدننا عندما يوكل لها أمر إدارة الثقافة السعودية في عام كامل، والتفكير المتأني كفيل بإدراج العديد من المناشط المختلفة. إننا لو أخذنا بهذا النهج نستطيع اختراق الحواجز الطبيعية والمصنوعة أمام المواطن السعودي في سبيل الوصول إلى موارد الثقافة، ومن ثم بسط أطياف عدة من الألوان المعرفية الرحبة أمامه، فضلا عن توسيع آفاقه ومدركاته، وربطه بالثقافة التي تصنع وتؤصل لا الثقافة التي تستورد وتستهلك. وسوف تصبح هذه المناسبات الثقافية برامج عمل مكثفة لصنع الكتاب والأدباء والروائيين وإذكاء جذوة الإبداع في النفوس، مما يهيئ السبيل لاكتشاف ما لدى الوطن من لآلئ مخبوءة تحتاج إلى من يكشفها أو يثيرها للظهور. وهكذا ستصبح كل مدينة مقصد الصحافة والإعلام لعام كامل، تشارك الوطن عرسه الثقافي، وتتسابق في إبراز الأدباء والمثقفين، لاوفاء للوطن فحسب بل وفاء لمصالحها التي تحتم عليها اقتناص فرصة السبق قبل أن تخطف من بين يديها. وهنا لا أشك في أن ثقافتنا ستتخطى حدودنا وستفرضنا ثقافيا على القاصي والداني، وبهذا نكون شركاء فاعلين في صنع الثقافة العربية والإنسانية. ويحذر الكاتب والقاص علي فايع الألمعي من عدم وعينا لهذه الفكرة وأن لا تمر دون أن تترك أثراً كما قال: أن تكون هناك مدينة ثقافية داخل المملكة تتوج على أنها عاصمة ثقافية على غرار العواصم الثقافية العربية فهذا أمر مستحسن بيد أن استراتيجيات المدن الثقافية تتطلب وعياً إنسانياً بقيمة الثقافة، وتجاوزاً لنظرات ضيقة لمفهوم الثقافة، وأن يكون الاهتمام منصباً على إبراز الجوانب الثقافية لكل مدينة، وأن تتلاحم فيها الجهود بغية ثقافة أهم هي ثقافة الوطن، ليس مجدياً أن نمارس دورنا الانعزالي بعيداً عن تشكيلات الثقافة المحلية، شريطة تفعيل أدوار مراكزنا الثقافية كالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، وهنا يجب أن تبرز جمعيات الثقافة أدوارها الفنية في كثير من الجوانب كالمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية بغية الاندماج الاجتماعي في كثير من جوانب الثقافة التي تحتاج إلى تأسيس الوعي بها ومحاولة تجاوز بعض النظرات الضيقة لمفاهيم الثقافة. هي خطوة إيجابية بطبيعة الحال تحتاج إلى تخطيط وتفعيل ووعي بقيمة التجربة، سوف تكون لها ثمرات مستطابة. أرجو إن تم إقرار هذه التجربة ألا تمر غريبة كغيرها من الفعاليات التي تسبقها اجتماعات كثيرة وبرامج مذهلة بيد أنها تتلاشى لحظة الانطلاقة الحقيقية أو قبيل الانطلاقة بأيام. علينا أن نستفيد من تجاربنا السابقة التي أثبتت عدم وعينا واهتمامنا بقيمة الثقافة، وتحويل تلك المناسبات الثقافية إلى مجرد لقاءات عابرة لاتترك أثراً يذكر. نحن بحاجة إلى رفع مستوى وعينا وأننا كغيرنا من بلاد العالم لنا ثقافتنا التي تستطيع الحضور والمشاركة وتبتز بالفعل لا بمجرد القول غيرها من الثقافات لدينا مفكرون على درجة عالية من الحضور، لدينا أدباء جيدون، ولدينا أعمال حاضرة، فلماذا تغيب وقد وجدت العوامل التي تساعدها على الحضور؟ نحتاج إلى زرع الثقة في ثقافتنا المحلية وفي مثقفينا ولعل هذا المقترح يساعد على بداية الخطوات الصحيحة باتجاه العمل المنظم. ويختتم الشاعر علي الحازمي هذا المقترح بأنه سوف ينهض بالهم الثقافي ويقول أيضاً: لم لا، من شأن هذه الأفكار الجميلة أن تسهم بطريقة أو بأخرى في إثراء المشهد الثقافي بصورة تتواكب مع تلك الطموحات التي يسعى كل منتم للوسط الثقافي إلى ملامستها، برأيي هناك أمور كثيرة كان يجب لها أن تحدث منذ فترة زمنية طويلة، إن كل فعل ثقافي حقيقي لن ينسى له الظهور على أرض الواقع إلا عن طريق وقفة متأنية وصادقة تمكننا من قراءة المشهد الثقافي المحلي بشكل دقيق وإعادة تقييم تجربتنا السابقة بصورة نستطيع من خلالها أن نقرأ حقيقة وجودنا على خارطة المشهد الثقافي العربي، هناك بلاشك حلقة مفقودة، وعلينا بالضرورة محاولة العثور عليها سريعا، وإعادة ترميم ما علق ويعلق بتلك الصورة المكرسة عن واقعنا الثقافي في الذاكرة العربية، أكاد أجزم أن اغلب المثقفين في هذا الوطن يحدوهم الأمل بحدوث انفراجات وفتوحات ثقافية مشابهة، ليس فقط عن طريق تبني مثل هذه الأفكار المبهجة فحسب بقدر ما نحن بحاجة ماسة إلى وجود مساندة حقيقية واعية من المؤسسة الرسمية تحديدا، لعلنا تمكنا في الأخير من اللحاق بالتجارب العربية التي سبقتنا بمراحل إلى خلق وتهيئة مناخات محرضة لمبدعيها، مناخات تسهم بامتياز في النهوض بمستوى الوعي الجماعي من أجل حراك ثقافي خلاق نتوق على الدوام إلى ملامسته، حراك يفصح لاحقا عن صورة مغايرة ومميزة لهويتنا الثقافية المستقلة.