طالب باحث في الشؤون الإسلامية والاجتماعية بضبط الانفلات وتصفية الحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لخطورتها على المجتمع وتأثيرها على النشء. وقال الباحث في الشؤون الإسلامية والاجتماعية سلمان العُمري ل «عكاظ»: يتصور البعض أن وضع برامج معينة لحماية الأمن الفكري، تستهدف فقط محاصرة الأفكار المغذية للتطرف والإرهاب، لكنها تستهدف حماية العقل من كل انحراف في التفكير، سواء كان باتجاه التطرف والغلو، أو الانحلال الأخلاقي، أو الخروج على ثوابت المجتمع وأخلاقه، فالشخص الذي يقدم على تعاطي المخدرات، يعاني من خلل في التفكير، والذي يستسلم لوساوس شياطين الإنس لارتكاب المحرمات لا يختلف في انحراف تفكيره كثيرا عمن ينساق وراء الأفكار الجافية لوسطية وسماحة الإسلام. وأضاف أن منهج المملكة واضح في الوقوف بوجه الإرهاب وأذنابه ومن يقف وراءه، إذ تصدت لأعمال العنف على المستويين المحلي والعالمي، من خلال محاربتها له محليا وشجبه دوليا، لافتا إلى أن السعودية لا تتهاون مع كل من يحاول المساس بالأمن ومدخرات الوطن، ونجحت في متابعة وملاحقة المتعاونين والمؤيدين للفكر الإرهابي المتطرف. وتابع: «السعودية اكتوت من الإرهاب وتصدت له، ولمن يقفون وراءه، وسطر رجال الأمن ملحمة كبرى في القضاء عليه وتتبعه في جحوره، وملاحقة خفافيشه في كل مكان، وما يضاعف خطورة الأعمال الآثمة لهؤلاء المتطرفين المجرمين، أن مرتكبيها يظنون أنهم يحسنون صنعا ويتوهمون أن عملهم جهاد لنصرة الإسلام، ويروجون لذلك انقيادا أعمى وانبهارا أصم لأفكار زرعت في عقولهم الفارغة من قبل أشخاص أو تنظيمات هي أبعد ما تكون عن الإسلام الصحيح، ولها مصالح وأهداف لم تعد خافية على أحد». وأكد على محاصرة انتشار الفكر المنحرف، وتجفيف منابعه وإغلاق الدهاليز التي يتسرب منها إلى عقول الشباب، بنفس الدرجة التي نجحت فيها الجهات الأمنية في محاصرة الإرهابيين وسد المنافذ التي يصل عبرها السلاح إلى أيديهم، مبينا أن محاصرة العناصر المادية للجريمة من أفراد أو سلاح أو أموال أسهل بكثير من محاصرة الفكر المنحرف الذي يتسلل عبر مواقع الإنترنت، وبعض القنوات الفضائية، وبرامج التواصل الاجتماعي وآلاف الشباب الذين يسافرون للخارج كل عام، وعشرات الكتب التي تخرب النفوس بأفكار ضالة ومنحرفة تفجر العقول فتدفع الأيدي إلى تفجير الآخرين. وزاد: يبقى نجاحنا في محاصرة هذا الفكر مرهونا بقدرتنا على تحصين شبابنا ضده، وتزويدهم بالمعارف التي تؤهلهم لاكتشاف شذوذه ومخالفته لتعاليم الشريعة، موضحا أن تحصين الشباب يبدأ بالتربية داخل نطاق الأسرة من خلال تشجيع الحوار، وتوفير متطلبات الحياة، والمراقبة الواعية في فترة المراهقة والشباب، ومعرفة ماذا يقرؤون ويطالعون عبر وسائل الاتصال الجديدة، ومن هم أصدقاؤهم وأين يقضون أوقات فراغهم؟. وتساءل: هل يعقل أن يفاجأ أحد الآباء أن ابنه متورط في جريمة إرهابية ومطلوب من قبل الجهات الأمنية من خلال وسائل الإعلام دون أن يكون قد رأى بادرة تشير إلى أنه يسير في هذا الطريق قبل ذلك؟. وأوضح أن محاربة الإرهاب يتطلب إستراتيجية شاملة وخطط دائمة، ومواصلة البرامج المتعلقة بالأمن الفكري وترسيخه في المجتمع، ووضع برامج للتحصين ومكارم الأخلاق متنوعة، تشترك فيها قطاعات الدولة وبأساليب وطرق مختلفة غير تقليدية. مواجهة الإرهاب مسؤولية جماعية أكدت الدراسة العلمية التي أجراها الباحث العُمري عن خطورة الإرهاب ومسؤولية الأمن الفكري، على أهمية تضافر جهود الهيئات والمؤسسات التربوية والدينية والاجتماعية والإعلامية في مواجهة الإرهاب، ومكافحته، ومقاومته لأنها مسؤولية جماعية، وليست مسؤولية رجال الأمن بمفردهم، والعمل على تحصين الشباب والناشئة من الأفكار المنحرفة والضالة، عن طريق المؤسسات الشبابية والتعليمية ووقايتهم، لأن الوقاية خير من العلاج، مع أهمية تخصيص الجامعات السعودية دراسات وبحوث أكاديمية في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، عن الإرهاب ومسبباته، وعلاج العوامل المساعدة على قيامه ونشوئه دينيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وأهمية تقديم وسائل الإعلام الرسائل التوعوية، خصوصا في المقالات والحوارات، وليس الإثارة والاستفزاز والتهييج، مع تبيان مظاهر الوسطية في ديننا الإسلامي من خلال المناهج الدراسية وتقديم الشواهد من تاريخ السلف الصالح من المسلمين، وذم الغلو والتطرف. وأوصت الدراسة البحثية بانتهاج الشفافية والوضوح في طرح كافة القضايا التي تهم الشباب والناشئة والبحث عن سبل المعالجة، وعدم ادعاء الكمال، مع تشجيع المثقفين والأدباء والدعاة والخطباء والوعاظ على مكافحة الفكر المنحرف بنقد السلوكيات والأفكار المنحرفة، إضافة إلى تكثيف نشر اعترافات الشباب الذين انتصحوا، ومن سبق أن غرر بهم، وما كانوا عليه من أخطاء وتقديمهم كنماذج للشباب الآخرين، لئلا يقعوا بما وقعوا هم فيه. وطالبت الدراسة الجهات ذات الاختصاص بمواصلة المؤسسات الشرعية بعقد الندوات لتوضيح منهج الإسلام الوسطي، ووضع برامج توعية للأسر حتى يقوم الآباء بدورهم تجاه أبنائهم، وحمايتهم من المنزلقات التي قد توقعهم في أتون هذه الفتن، وتضر بهم وأهليهم ووطنهم وأمتهم، ومطالبة وسائل الإعلام بالاستمرار في كشف الوجه القبيح للإرهاب، بإبراز أحاديث العلماء والدعاة وطلبة العلم وخطباء الجمعة. وخلصت الدراسة إلى أن أعمال الإرهاب التي وقعت في بلاد الحرمين أساءت للإسلام والمسلمين، وليس لها أية مبرر شرعي، وإنما تصب في مصلحة أعداء الإسلام الذين استخدموا الإرهابيين كأداة لتنفيذ مخططاتهم لتشويه الإسلام والإضرار بالمملكة.