توج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ثمانية فائزين بجائزة الملك فيصل العالمية للعام 1437/ 2016، وذلك خلال رعايته الحفل السنوي لمؤسسة الملك فيصل الخيرية الذي نظم في الرياض أمس (الأربعاء). وحصل على الجائزة في فروعها الخمسة «خدمة الإسلام، الدراسات الإسلامية، اللغة العربية وآدابها، العلوم، الطب»، علماء سعوديون وعرب وعالميون نظير إنجازاتهم الفكرية والعلمية. وسلمهم الملك سلمان براءات الفوز وميداليات التقدير واستحقاقات التميز. وقال مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس هيئة الجائزة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في كلمته بالحفل: «التهنئة للفائزين والشكر للحاضرين، وبعد، لله في خلقه شؤون، فلقد فضّل الذين يعلمون على الذين لا يعلمون، وجعل الذي عنده علم من الكتاب أقدر من عفريت من الجن عند سليمان المهاب، وجعلنا في بلاد أشرق منها نور الإسلام، وبعث فيها رسول المحبة والسلام، ولعل أول ما قام به عبدالعزيز الملك الحكيم المدهش العزيز هو توطين البادية، ثم أرسل لكل هجرة وقرية معلما وداعية، يعلمون الناس ليضعوا بالعلم حجر الأساس في بناء هذا الكيان العظيم ليكون السباق الكريم في كل سماء وأديم، فهنيئا يا ملك الحزم والعزم بهذا الوطن الأشم وابلغ به رأس القمم، والسلام عليكم». عقب ذلك، قدم الأمين العام لجائزة الملك فيصل العالمية الدكتور عبدالعزيز السبيل الفائزين في فروع الجائزة. وشاهد خادم الحرمين الشريفين والحضور تباعا عروضا مرئية لكل فائز بالجائزة تحكي أبرز جهودهم وإنجازاتهم. ثم تفضل الملك سلمان بتسليم الفائزين جوائزهم، على النحو التالي: أولا - جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام: ومنحت للمستشار بالديوان الملكي، عضو هيئة كبار العلماء، إمام وخطيب المسجد الحرام، رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، وذلك نظير دوره في مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الذي يمثل المرجعية الفقهية للأمة في القضايا الحادثة والمستجدة؛ وجهوده التعليمية والدعوية وتأليفه للعديد من الكتب الإسلامية التي تبرز سماحة الإسلام وقيمه وتاريخه. ثانيا - جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية وموضوعها: (التراث الجغرافي عند المسلمين)، حيث منحت لرئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية الأستاذ الدكتور عبدالله بن يوسف الغنيم نظير مجموعة أعماله في الجغرافيا عند المسلمين تأليفا وتحقيقا؛ وتميزه في إحياء مصطلحات عربية قديمة لأشكال سطح الأرض، وإعادة توظيفها في الجغرافية المعاصرة. ثالثا - جائزة الملك فيصل العالمية للغة العربية والأدب: وموضوعها (الجهود التي بذلت في تحليل النص الشعري العربي)، حيث منحت بالاشتراك لكل من: الأستاذ الدكتور محمد عبدالمطلب (المصري الجنسية) والأستاذ الدكتور محمد مفتاح (المغربي الجنسية). وقد منحت اللجنة الأستاذ الدكتور محمد عبدالمطلب الجائزة تقديرا لإنجازاته في مجال التحليل التطبيقي للنصوص الشعرية؛ إذ درس النصوص بكفاءة واقتدار، موائما بين معرفة عميقة بالتراث والنظريات الأدبية الحديثة. أما الأستاذ الدكتور محمد مفتاح فقد منحته اللجنة الجائزة تقديرا لجهوده العلمية المتميزة في هذا المجال؛ حيث وظف معارفه العلمية الحديثة في تحليل النصوص الشعرية بعمق وأصالة، مع قدرة فذة في الوصف والتحليل ووعي بقيمة التراث وانفتاح على الثقافة الإنسانية. رابعا - جائزة الملك فيصل العالمية للطب: وموضوعها (التطبيقات السريرية للجيل القادم في علم الجينات) حيث منحت بالاشتراك لكل من: الأستاذ الدكتور هنري جريت برونر (الهولندي الجنسية) أستاذ الوراثة الطبية ورئيس قسم الوراثة البشرية في المركز الطبي لجامعة راتبوات في نايميغان، ورئيس قسم الوراثة الإكلينيكية في المركز الطبي لجامعة ماسترخت، وكذلك الأستاذ الدكتور يورس فلتمان (الهولندي الجنسية) أستاذ تطبيقات الجينوم في مركز نايميغان الطبي لجامعة راتبوات، والمركز الطبي لجامعة ماسترخت. وقد تم اختيار الأستاذ الدكتور برونر والأستاذ الدكتور يورس فلتمان لنيل الجائزة لهذا العام؛ حيث تميزا بدورهما في الارتقاء بالتطبيقات السريرية للجيل القادم في علم الجينات إلى التشخيص الإكلينيكي؛ حيث إنهما طورا طرقا عملية لتحليل عينات للمرضى المشتبه أن لديهم أمراضا وراثية. وقد حفز ذلك إلى إدخال هذه التقنيات إلى العيادة الطبية. خامسا - جائزة الملك فيصل العالمية للعلوم: وموضوعها في هذا العام «علم الحياة» (البيولوجيا) حيث منحت لكل من الأستاذ الدكتور ستيفن فيليب جاكسون (المملكة المتحدة) أستاذ ورئيس معامل أبحاث الأورام بمعهد جوردن، والأستاذ الدكتور فامسي كريشنا موثا (الولاياتالمتحدة)، أستاذ النظام البيولوجي بكلية هارفرد الطبية. وكان الأستاذ الدكتور فاسمي موثا قد قام باستخدام الميتاكوندريون (المسؤولة عن إنتاج الطاقة في الخلية) كنموذج جديد يربط بين الجينومكس والبروتيومكس والاستقلاب وعلم الحاسوب الحيوي، وباستخدام هذه الإستراتيجية التكاملية استطاع الدكتور موثا أن يتعرف على حلقة الوصل بين الاختلال الوظيفي في الميتاكوندريون على مستوى الجزيئات والأمراض المستعصية، مثل مرض السكري، ويعتبر ذلك إسهاما في إيجاد تطبيقات جديدة في التشخيص والعلاج. أما الأستاذ الدكتور ستيفن جاكسون فقد فاز بالجائزة لإسهاماته المتميزة في التعرف على الصلة بين آليات اضطراب الجينوم وعلاقة ذلك بمرض السرطان، وبصفة خاصة استطاع أن يكتشف العوامل الجزيئية لإصلاح الحمض النووي. وابتكاره أسلوبا جديدا لتحويل نتائج أبحاثه إلى أدوات لمعالجة السرطان. مفتاح: أتاحت لنا الاجتهاد المسؤول الفائز المشترك لفرع جائزة (اللغة العربية والأدب) الأستاذ الدكتور محمد مفتاح، قال: «جائزة الملك فيصل العالمية أتاحت لي الفرصة للمثول أمام خادم الحرمين.. الجائزة التي رعاها ويرعاها ملوك غر ميامين حق رعايتها، خلفا عن سلف، ماديا ومعنويا. ويسعدني أن أشكر لجامعة المجمعة ترشيحها إياي، وهو ترشيح ينطوي على دلالات عميقة تدركها القلوب السليمة والعقول الحصيفة. كما يسعدني أن أشكر لبلدي المغرب الظروف المواتية التي أتاحت لي ولغيري الاجتهاد المسؤول والبحث الأصيل الذي يسهم في بناء الحاضر والمستقبل ويعيد الحياة إلى الماضي. إن عملي ليس إلا كعمل مستبضع التمر إلى هجر». فولتمان: الجائزة متميزة وتزيد حماستي قال الفائز المشترك بجائزة الملك فيصل العالمية للطب الأستاذ الدكتور يورس أندريه فولتمان: «إنه لشرف عظيم أن أنال الجائزة بالاشتراك مع زميلي الأستاذ الدكتور هنري برونر. وهذا هو أكثر الأوقات إثارة بالنسبة لعلماء الوراثة البشرية. فقد سمحت لنا تقانات الجينوم لأول مرة بدراسة كامل الجينوم الخاص بأي شخص بطريقة غير مكلفة ويمكن الاعتماد عليها، مما أدى إلى تنامي المعرفة سريعا حول العوامل البيولوجية المتعلقة بالصحة والمرض». وأردف «فخور وسعيد بالمشاركة في رحلة الجينوم مع أصدقائي وزملائي حول العالم، إذ يمكننا معا تحقيق اكتشافات مهمة عديدة وتطوير تطبيقات نافعة. وتسلمي هذه الجائزة المتميزة يزيد من حماستي لمشاركة أكثر وصولا إلى مستقبل مشرق لطب الجينوم». ابن حميد يتبرع لمشروع خيري أعلن الفائز بجائزة الملك فيصل العالمية فرع «خدمة الإسلام» الدكتور الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد، تبرعه بقيمة الجائزة لمجمع الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد التعليمي الخيري في مكةالمكرمة، إسهاما في رسالته التعليمية والتربوية، وإعانة لمنسوبيه في مهماتهم إذ يحتضن طلابا وطالبات فقراء. وقال: «أحسب أن جائزة الملك فيصل العالمية بفروعها كافة تكريم للإنجازات الفكرية، بل إنها تحافظ على ضبط المسار في حياديتها وعدالتها، كيف لا، وهي تحمل اسم هذا الرجلِ العظيم الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رائد التضامن الإسلامي، وهي تنبع من هذا البلد المبارك مهبط الوحي، ومتنزل الرسالة، ومبعث محمد صلى الله عليه وسلم، وحافظ مقدسات المسلمين، ورافع راية الشرع المطهر، تقوم عليه قيادة، تاريخها وضاء في خدمة هذا الدين، ورفع راية الاعتزاز به، والدفاع عنه، وخدمة أهله في كل مكان، بل العزة، والحزم، والعزم هو منهجها، فلله الحمد والمنة». برونر: أشعرتنا بأننا مواطنون في عالم واحد أكد الفائز المشترك في فرع الطب الأستاذ الدكتور هنري جريت برونر، أن منحه الجائزة جعله يشعر أكثر من أي وقت مضى بأن الجميع مواطنون في عالم واحد، خصوصا أن إنجازه حققه بالعمل مع فريق مكون من 27 دولة. وبين أن اختبار سلسلة الجيل القادم للجينوم الذي فاز عبره بالجائزة يتم تطبيقه على المصابين بأمراض نادرة ومعقدة، واستطاع -في غضون خمس سنوات فقط- أن يحتل مكانا بارزا في الطب العيادي. الغنيم: الصدق والحيادية منحتها مكانة مرموقة أكد الفائز بجائزة الدراسات الإسلامية الدكتور عبدالله يوسف الغنيم، تشرفه بحصوله على جائزة الملك فيصل العالمية، لما لها من مكانة مرموقة بين الجوائز العالمية، بما اكتسبته من مصداقية وحيادية، وتركيز على جعل الاستحقاق والتميز معيارين أساسيين في اختيار الفائزين بها دون اعتبار لجنس أو لون أو عرق. عبدالمطلب: تكليف بمواصلة خدمة الثقافة اعتبر الفائز المشترك بجائزة (اللغة العربية والأدب) الأستاذ الدكتور محمد عبدالمطلب، أن فوزه بالجائزة في «تحليل النص الشعري العربي» حمله تكليفا بأن يواصل مسيرته في خدمة الثقافة العربية عامة، وتحليل الشعر خصوصا. جاكسون: عقار السرطان أثلج صدري أعرب الفائز المشترك بجائزة الملك فيصل العالمية للعلوم الأستاذ الدكتور ستيفن جاكسون، عن سعادته للفوز بالجائزة، وقال: إنه لشرف عظيم أن يحصل عليها في هذا الوقت. وذكر أن الهدف الرئيسي لأبحاثه هو فهم الكيفية التي تكشف بها خلايانا عن وجود خلل في الحمض النووي والإشارة إليه وإصلاحه. مؤكدا أن ما يثلج صدره ويخجل تواضعه أن تقود بحوثه الأكاديمية الأساسية إلى تطوير عقار يساعد في تحسين حياة مرضى السرطان. وأضاف «أعظم أمنياتي أن تتيح أبحاثي المستقبلية المزيد من الفرص لتحسين صحة الإنسان وعافيته». موثا: الجائزة صممت تقديرا للإنجازات النافعة للبشرية يرى الفائز المشترك بجائزة الملك فيصل العالمية للعلوم الأستاذ الدكتور فامسي كريشنا موثا، أن الجائزة صممت تقديرا للإنجازات النافعة للبشرية. واعتبر أن جائزة بهذه المكانة العالمية تغرس في الجميع مزيدا من الرغبة في الانطلاق نحو رؤية مستقبلية بعيدة المدى لتطوير فئة جديدة من العقاقير تستهدف تحولات الطاقة كأساس للمرض. وزاد «يشرفني جدا أن أنال جائزة الملك فيصل العالمية للعلوم، فإضافة اسمي إلى قائمة الفائزين السابقين بها يخجل تواضعي».