لم ينجُ أحد منّا من خيزرانة الطيبين في البيت أو الحارة، إذ يتكفل كل من هو أكبر منك سنا بمهمة تأديب الصغار وربما الكبار. ذات مرة لسعني أحد أقاربي بالسوط لخطأ بسيط تورطت فيه، فعدت خلسة إلى دار جدتي شاكيا باكيا، فتولت - رحمها الله - إكمال المهمة بأفضل وأيسر ما يكون من الجلد بالشباشب، وجلدات إضافية دون أن تسأل عن ما اقترفته من جرم، وبقيت آثار سياط جدتي علامات فارقة على ظهري حتى اليوم لتجسد علامة ذكاء فارقة وانتهاك حقوق الإنسان! ما فعله «العم معيض» أو الأخ عبدالرحمن مع أنجاله في البيت يفعله كل الآباء، وهو عين الصواب لما يفعله العم بشير مع صغاره وأحفاده، الضرب بالعقال وتسديد الضربات الركنية بالشباشب حتى أن صغاره يتندرون على مهارته في التسديد ويطلقون عليه «ميسي» ومن يريد أن يحبط مشاعره يناديه ب هزازي - زمانه. صحيح .. أن المغالاة في العقاب البدني في البيت والمدرسة مستهجن ومعاقب نظاما، وتثير غضب هيئة حقوق الإنسان التي تشغل - أحيانا - نفسها ببعض القضايا التي يمكن معالجتها بالروح الأبوية والمنزلية، وهي النظرية التي أطلقها «العم معيض» حين شعر برغبة الهيئة في التدخل في أمر خيزرانته الموقرة. يقول صديقي بشير : ما خابت مدارسنا إلا بعدما فقد المعلم هيبته وسط طلاب مشاغبين متنطعين مدللين، جيل «البرغر»، وتواري السوط إلى متحف التاريخ، حتى أعاده لنا معيض بكل عفوية، محركا عقولنا وقلوبنا بلسعات من الخيزران. نحن قوم تحركنا العصا، والهياط والعياذ بالله. وعندما نسافر خارج بلادنا نحب التميلح و«البصبصة» ونحتاج لأشواط من الأسواط.