لم يكن يعلم العم معيض بأنه سيصبح حديث المجتمع بعد أربع وعشرين ساعة فقط من انتشار المقطع الذي ظهر فيه وهو يلسع بعض الصبية الصغار في مجلسه العامر بخيزرانته ذات المرونة الأليمة بعد أن اتخذ أولئك الصبية من مجلس العم معيض استادا رياضياً لممارسة كرة القدم وعلى الرغم من فرحي بصد الحارس المبدع لواحدة من التسديدات الرهيبة على مرماه إلا أنني تألمت كثيراً لصراخه الشديد بعد أن تلقى تسديدة مباغتة من خيزرانة العم معيض جعلته يرفع صوته بالصياح إلى آخر الحوش وقيل إلى ناصية الشارع على أرجح الأقوال. لم يكن العم معيض بدعاً من الناس بل هو في الحقيقة يمثل شريحة كبيرة من أفراد المجتمع السعودي ففي كل بيت تقريباً يوجد العم معيض وإن اختلفت الطرائق أو سبل التأديب، ولعل الكثير من جيل الطيبين لايزال يذكر أن المشعاب أو الخيزرانة كانت معلقة في إحدى زوايا البيت ليتم اللجوء إليها كلما دعت الحاجة لذلك. أما جيل الشبكات الاجتماعية فقد استثارهم هذا المشهد فسارعوا إلى إنشاء هاشتاق للعم معيض ليمطروه بتغريداتهم وآرائهم المختلفة وماهي إلا سويعات قليلة حتى وصل هذا الهاشتاق إلى الترند. وقد تباينت آراء المغردين مابين مؤيد ومعارض ومستنكر فمنهم من قال ياليت لنا مثل العم معيض ليؤدب فئات كثيرة من أجيال اليوم، أما البعض الآخر فقد عارض هذا التصرف واعتبره قسوة في غير محلها وطالب بإحالة العم معيض إلى هيئة حقوق الإنسان لمعاقبته على فعلته، فيما استنكر البعض ذلك " المحط " غير المبرر الذي مارسه العم معيض بحق هؤلاء الأطفال ورأى أنه كان من الأولى أن يقوم بالنزول إلى عقلية هؤلاء الأطفال ومشاركتهم تلك النشوة اللذيذة ثم يطلب منهم إعادة ترتيب المجلس بعد ذلك. وحيث إن الشيء بالشيء يذكر فقد ذكر الشيخ سعيد بن مسفر إحدى محاضراته قصة عن أحد الأشخاص بأنه كان له مشعاب سماه (ستر الله ) وكان هذا المشعاب معلقاً في صدر المجلس على الدوام، وفي إحدى غضباته العنترية قام بجلد زوجته حتى عضت الأرض على قول بعض الروايات فذهبت إلى أهلها وعندما سألوا الرجل عن السبب في ضرب زوجته بهذه الوحشية أنكر ذلك وقال والله مابيني وبينها إلا (ستر الله) وقد يكون من حسن حظ ذلك الرجل أن منصات التواصل لم تُكتشف بعد وإلا لكان مشعابه أشهر من خيزرانة العم معيض. وإن كان هناك مايؤلم حقاً في هذا المشهد فهو تلك الألفاظ والعبارات الجارحة التي وردت على لسان العم معيض من لعن الوالدين والسب والشتم، فمعلوم أن ألم الضربة يمكن أن يٌنسى أما ألم الكلمة القاسية فلا يمكن أن يٌنسى.