أثارت حادثة ضرب معلم طالب ابتدائية بالعقال «موجة» استنكار واستهجان في الأوساط التربوية والتعليمية في خميس مشيط. فرغم تعاميم منع الضرب نهائياً مهما كانت المبررات إلا أن هناك معلمين يصرون على أن يتحولوا من مربين إلى جلادين.. وهذا ما شهدته مدرسة العباس بن عبدالمطلب الابتدائية في حي الهرير بمحافظة خميس مشيط بعد أن انهال معلم يدرّس مادة التوحيد (التربية الإسلامية) بالضرب على الطالب «علي سعيد الشهراني» (عشر سنوات)، الذي يدرس في الصف الخامس. وسرد الطالب علي القصة كاملة ل»الشرق»، التي زارته في منزله قائلاً «كانت الحصة السادسة عندما كان المعلم حاملاً في يده رمانة أعطى منها أحد الزملاء، وعندما انتهى من أكلها طلب الخروج لغسل يديه وخرج الطالب من الفصل إلا أنه ظل من خلف الشباك خارج الفصل ينظر إلينا في تلك الأثناء دخل طالب آخر وصف لنا زميلنا خلف الشباك فضحكنا، وعند دخول المعلم قال لعريف الفصل مَنْ المشاغبين فقال (علي) فنادى على عدد من الطلاب إلى السبورة، فجلدني بالعقال مرتين في يدي والثالثة على ظهري، وقال سأذهب بكم إلى مدير المدرسة، وفي الطريق توسلنا إليه بأننا لن نكررها مرة أخرى، فوافق المعلم ورجعت إلى الفصل بسرعة وعند عودته للفصل قال المعلم قم يا (علي) لماذا تذهب إلى الفصل بسرعة «سوف أؤدبك»، وانهال عليَّ ضرباً بالعقال تسع جلدات، وفي الجلدة العاشرة انتفخت يدي إضافة إلى خمس جلدات على ظهري». وأضاف علي «عند وصول مدرس العلوم للحصة السابعة طلبت منه الخروج لغسل وجهي بعد استمراري في البكاء من قوة الضربات، وحاولت الاتصال بوالدي لكنه رفض نهائياً»، وقال لي: «لماذا كنت تبكي قبل قليل؟»، قلت له ضربني معلم التوحيد وكان رده «أحسن» ولم يسمح لي بالذهاب للمدير والاتصال بوالدي طوال الحصة حتى دق جرس اليوم الدراسي. فخرجت ودموعي تنهال بسبب آلام في يدي وظهري، ولم أتمكن من الوقوف واستلقيت على ظهري إلى جانب سور المدرسة لحين وصول والدي، الذي نقلني على الفور إلى المستشفى العسكري. يقول والد علي (سعيد) في الساعة الثانية عشرة والثلث وصلت للمدرسة وتفاجأت بالولد مستلقياً على ظهره ومتكئاً على حقيبته إلى جوار سور المدرسة، ووجدته يبكي.. في البداية توقعت أن يكون قد تضارب مع زملائه، ولما سألته بالكاد كان يتحدث ولم يتمكن من الوقوف، وقال لي مدرس التوحيد ضربني، ولم يسمح لي المعلم الآخر بالذهاب للمدير. أخذت ولدي وذهبت به إلى قسم الطوارئ في مستشفى الملك فهد العسكري، حيث اتضح أن ولدي لديه كسر في أحد أصابع يده، بالإضافة إلى بعض الكدمات في الظهر والإحمرار، وتم إعطاؤه استراحة خمسة أيام، وتحويله إلى قسم العظام ومدة الشفاء تتجاوز 15 يوماً. وأضاف والد علي «في صباح اليوم التالي اتصلت بمدير المدرسة لأشرح له ما تعرض له ابني، فقال المدير «هذه المشكلة وقعت في مدرستنا، قلت له نعم وهو لا يدري عنها شيئاً، فطلبت من مدير المدرسة إشعار إدارة التربية والتعليم بالحادثة لأخذ حقي وحق ابني»، فقال «لك ما تريد ولكن نريد وجودك الآن في الإدارة فذهبت للمدرسة وبمجرد دخولي للإدارة وإذا بجميع المدرسين، وأولياء أمور طلاب، وفراشين يطلبون مني التنازل عن الشكوى حتى لا يعاقب المعلم ولا تتضرر سمعة المدرسة ولم يكلفوا خواطرهم بالسؤال عن ولدي، هل أصبحت سمعة المدرسة أهم من سلامة ولدي؟». يقول والد علي «في تلك الليلة وأنا وأمه كنا ساهرين لما لحق بابننا من هذا المعلم، وفيكل لحظة نهرع على صياح ابننا وهو يحلم بتعذيب المعلم له ويقول وهو نائم (كفى يا أستاذ ارحمني) وأنا أتساءل ما السبب الذي يجعل المعلم يتحول إلى جلاد دون رحمة أو شفقة. ووجه والد علي رسالة إلى وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل قائلاً «أريد أن يصل صوتي إلى وزير التربية والتعليم وأن يأخذ حق ابني من هذا المعلم، الذي لم يراع الله في ولدي، ولم تأخذه لا شفقة ولا رحمة به». وزاد «بعد أن رفضت التنازل عن القضية داخل المدرسة تفاجأت بمجموعة من المعلمين ومعهم مجموعة آخرون أمام البيت ورحبت بهم ودخلوا وكان موضوعهم أنهم قادمون بمبلغ 5000 ريال، فتوقعت أن المبلغ ما هو إلا سلام بسلامة الولد، كما في عادات القبائل، ولكن المفاجأة أنهم يريدون المبلغ كصلح فرفضت». يقول والد علي تلقيت اتصالاً من اللجنة، التى تحقق في القضية من إدارة التربية والتعليم يريدون التحدث مع ولدي، وحاولت معهم أن يأتوا إلى المنزل لكنهم رفضوا، فذهبت بولدي إلى المدرسة وبمجرد أن وصلنا إلى المدرسة تسمر الولد وأخذ في البكاء يريد المنزل ولا يريد العودة إلى المدرسة مرة أخرى، حتى إن اللجنة لم تتمكن من سؤاله مراعاة لحالته الصحية، حيث إنه أصبح يعاني نفسياً بعد هذه الحادثة، وسوف أقوم بعرضه على طبيب نفسي بعد تحسن حالته الصحية. وقدم والد الطالب شكوى إلى مدير التربية والتعليم، الذي تفاعل مع القضية وتم تشكيل لجنة للوقوف على الحادثة والتحقيق في القضية، كما قدم والد علي شكوى جنائية لشرطة محافظة خميس مشيط لأخذ حق ولده وما لحق به عن طريق المحاكم الشرعية. وحصلت «الشرق» على نسخة من التقرير الطبي الأولي، الذي يوضح أن الحالة العامة للطالب جيدة وتوجد رضوض في الجهة اليمنى من الظهر، ويوجد كسر في الأصبع الأصغر لليد اليسرى، وأن فترة العلاج المتوقعة تزيد على 15 يوماً، وتحويل الطالب إلى عيادة العظام للمتابعة، وتقرير آخر يمنح الطالب إجازة مرضية لمدة أسبوعين. من جهته، أوضح المتحدث الرسمي لتعليم عسير محمد بن مانع آل يحيى أن الإدارة أوفدت عضواً من المتابعة وآخر من قسم قضايا المعلمين إلى المدرسة، وتم التحقيق في الحادثة ومن ثم الرفع بالنتائج لصاحب الصلاحية، فيما سيتم تطبيق الأنظمة المتبعة في مثل هذه الحالات، يذكر أن الحادثة وقعت يوم الثلاثاء 1435/11/14ه.