من المواقف المشهودة للتسامح والعفو مبادرة المواطن حمود نايل بن طوعان الشمري (65 عاما) حين قتل نجله علي يد ابن جاره في صيف 2009 بحي البادية وسط حائل. أوقفت السلطات الأمنية والد القاتل وأشقاءه كإجراء احترازي في مثل هذه المواقف، غير أن حمود حين علم بالأمر توجه إلى قسم الشرطة مطالبا بالإفراج عن والد الجاني وأشقائه، ورفض مغادرة قسم الشرطة حتى يتم إخلاء سبيلهم ليمثل بذلك أعلى قيم التسامح والعفو عند المقدرة. لم يتوقف تسامح حمود الشمري عند هذا الحد، ومع توافد المعزين بادر والد القاتل إلى إغلاق صالة للضيوف ظلت مفتوحة، مراعاة لأحزان جاره. وفي ثاني أيام العزاء طلب والد القتيل من جاره فتح باب منزله للضيوف والمسافرين كما اعتاد وقال: «هذا باب جاري لم يغلق لمدة 18 عاما ويجب ألا يغلق أبدا» وذهب بنفسه وفتح الباب مرددا: «هذا قضاء الله وقدره.. الباب هذا ما يسكر»، ثم عفا عن القاتل لوجه الله تعالى. وبعدما علم خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، استقبل المواطن حمود وقدم له العزاء وشكره على مبادرته. مؤكدا أن فاجعة الوالد على ولده لم تمنعه من أداء واجبه الديني والوطني والأخلاقي بالعفو عن القاتل. وطلب الملك الراحل القصة كاملة، إذ استعرض عم القتيل قصة حادثة قتل ابنهم وكذلك قصة العفو عن قاتله. وأثنى الملك عبدالله، يرحمه الله، على مبادرة أسرة القتيل بالعفو عن قاتل ابنهم وقال: «هذا يرفعنا ويرفع الشعب السعودي كله ويرفعكم عند الرب عز وجل لأن هذا عمل أخلاقي وبطولي وإنساني. وعملكم هذا إن شاء الله كل مسلم يصير عليه مثل هذا الحادث يحذو حذوكم إن شاء الله». وأضاف يرحمه الله: «هذه ولله الحمد أحييتم بها السنة الطيبة والخيرة العظيمة الأخلاقية والحمد لله رب العالمين تستحقونها». وقد أمر الملك عبدالله، يرحمه الله، بمنح حمود بن نايل بن طوعان الشمري والد القتيل وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى.