يتناحر التياران السياسيان (الإصلاحي والمتشدد) في إيران على مقاعد البرلمان الذي يضم مجلس الشورى، ومجلس خبراء القيادة، ومجلس صيانة الدستور. منذ يوم الجمعة الماضي ولجنة الانتخابات تفرز أصوات 60% من الشعب الإيراني قاموا بالتصويت ترهيبا وترغيبا، بينما امتنع 40% من الشعب عن الخوض في تلك المهزلة. حتى كتابة هذه المقالة لم تظهر النتائج النهائية، لكن كما يقول المثل الحجازي: «أيش أرتجي منك يا سفرجلة وكل عضة منك بغصة». في يوم الجمعة الماضي بدا التيار الإصلاحي الذي ينتمي له رافسنجاني وروحاني، مع الاختلاف في الأحزاب، في المقدمة، حيث حصدا أصواتا تبشر بفوز الإصلاحيين بمراتب متقدمة، في مجلس خبراء القيادة الذي من شأنه أن يقلب الحكومة الإيرانية رأسا على عقب.. لكن الفتاوى المتتابعة من علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة والذي ينتمي للتيار المتشدد، حيث أفتى أن الانتخاب فرض عين، كما أنه يجوز للمرأة أن تنتخب بدون إذن زوجها! ولم يتبق إلا أن يصدر فتوى تكفيرية لمن لا ينتخب المحسوبين على التيار المتشدد.. تلك الفتاوى المتتابعة (تلحق يا ما تلحق) جعلت المعركة الانتخابية حامية الوطيس، ليس في الكواليس فقط، بل حتى في الشوارع، وفي صناديق الاقتراع. قبل الانتخابات بشهرين حذر علي أكبر هاشمي راسنجاني مجلس صيانة الدستور التي تُشرف على الانتخابات، من التلاعب في أصوات الناخبين لصالح المتشددين، لأن الفأر بدأ يلعب في عبه -على رأي إخواننا المصريين- ويبدو أن الفأر خلال اليومين الماضيين كشّر عن أنيابه في عب رفسنجاني الذي كان ولايزال حتى هذه اللحظة متصدرا المشهد في دائرة طهران، إذ حصل في أول الأمر على 692248 صوتا، يليه الرئيس حسن روحاني، ثم المتشدد محسن قمي مساعد مكتب قائد الثورة للشؤون الدولية (أي سكرتير خامنئي) مع فارق في الأصوات، ثم المتشدد امامي كوشاني إمام صلاة الجمعة في جامع طهران، الذي لا يدخر وسعا في كل خطبة من إلصاق تهمة داعش بالمملكة العربية السعودية.. خلال 24 ساعة فقط انقلب ظهر المجن وتراجع روحاني عن المركز الثاني ليحل محله كوشاني! وخلال 20 ساعة يصبح الفارق بين راسنجاني وكوشاني بضعة آلاف من أصل مليونين صوت وأكثر لكل منها. نساء الشادور اللاتي يخرجن من بيوتهن بناء على فتوى، ومنتخبون خافوا من فرض العين، بلا شك لن ينتخبوا إلا من جناح صاحب الفتوى، لعلهم يدخلون الجنة. ناهيك عن الحرس الثوري، والمخابرات الإيرانية، وأولئك الذين لهم الصلاحيات في فتح صناديق الاقتراع. صديقتي الإيرانية تقول في هذا الخضم: نحن لا نثق في فقيه.. ولا نركن على ولي!