بدأنا التوغل في الشريط الحدودي في منطقة نجران بعد أن تلقينا الضوء الأخضر من قائد حرس الحدود في قطاع سقام العقيد صالح عبدالله القحطاني الذي أوصى مرافقنا الرائد علي بتوفير كافة الإمكانات اللازمة لنا. وكثيرا ما راودنا الإحساس بأنه ضمن طاقم «عكاظ» لما بذله من جهد كبير لتسهيل مهمتنا في النقاط التفتيشية. استبشرنا بذلك خيرا ونحن نسير على طريق طويل وممرات مرتفعة بين الأودية والجبال للوصول إلى أعلى نقاط المراقبة في سرو سقام على الخط الأمامي. لم يفارقنا الإحساس بالفخر والعزة والشموخ ونحن نتبادل التحايا مع أبطال حرس الحدود الذين يذودون عن حياض الوطن بكل غال ونفيس وعلى استعداد تام لتقديم أرواحهم فداء لرفع راية لا الله إلا الله عالية خفاقة دائما وأبدا. قائد مجمع سرو سقام المقدم عبدالله بن عبدالرحمن الحربي رحب بنا بحرارة وبشاشة أكدت ثقتنا في أن الأوضاع آمنة لم تؤثر فيها محاولات التسلل العبثية لميليشيات الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح والتي يتم وأدها في مهدها حيث يلقى المتسللون درسا قاسيا من قبل جنودنا البواسل. حتى تلك اللحظة كان الأمر بالنسبة لنا أقرب إلى النزهة من مهمة في منطقة عمليات عسكرية. لكن الإحساس اختلف بمجرد ارتدائنا الخوذة وواقي الرصاص تحسبا لأي طارئ. واستبدلنا سيارة أخرى مصفحة بسيارتنا. حاولنا كسر حدة التوتر الذي انتابنا في تلك اللحظة بتبادل أطراف الحديث مع المقدم عبدالله الذي كان هادئا بحكم تعوده على مثل هذه الأجواء. وأكد لنا استتباب الأوضاع بفضل الله ثم جهود مختلف القطاعات العسكرية. وتطرق إلى رجال حرس الحدود الذين يحكمون سيطرتهم بشكل كامل لتأمين حدودنا مع اليمن، قائلا: «رغم ما تشاهدونه من طرق وعرة وجبال شاهقة، نحن متمركزون في كافة النقاط التي من شأنها كشف المتسللين والمهربين الذين انخفضت وتيرتهم بشكل ملحوظ مع بداية عمليتي (عاصفة الحزم وإعادة الأمل) وحتى الآن، لكن الدور الميداني لحرس الحدود تضاعف، حيث يشارك ضباط وأفراد من حرس الحدود إخوانهم في القوات البرية والحرس الوطني في الخطوط الأمامية والخلفية، فيما تشارك مجموعات أخرى في مراكز ونقاط ودوريات راجلة ومتحركة على الخط الحدودي بالكامل». تسلل وتهريب وحول حالات التسلل والتهريب قبل انطلاق «عاصفة الحزم» أبان أنها كانت تسجل بشكل يومي. ويتم كشفها ومتابعتها ورصدها أولا بأول. ومن المتوقع في مثل هذه الحالات ردود فعل من المتسللين والمهربين. ولذلك ضحى بعض رجال حرس الحدود بحياتهم بينما أصيب آخرون. وفي ظل الظروف الراهنة انخفضت عمليات التسلل والتهريب، إذ بات من الصعب على أي أحد أن يفكر في التسلل أو تهريب الممنوعات في ظل الوضع الذي تشهده حاليا حدود المملكة مع اليمن. حيث يتم رصد المتسللين والمهربين من خلال منظومة متكاملة من أبراج المراقبة والكاميرات الحرارية وضباط وأفراد يتولون على مدار ال24 ساعة المتابعة من خلال غرفة عمليات متطورة. نقطة مراقبة وصلنا إلى أولى نقاط المراقبة بعد رحلة شاقة سلكنا خلالها طرقا جبلية وعرة. وتكشف نقطة المراقبة بارتفاعها الهائل عن سطح الأرض جميع ما حولها، ما يتيح بسهولة رصد كافة الأهداف الثابتة والمتحركة. وكان العاملون فيها من ضباط وأفراد أشبه بخلية نحل، متوزعين للاضطلع بمهمات متنوعة. منهم من يرصد عبر مناظير «درابيل» متطورة . وآخرون يتحركون في دوريات مزودة بأسلحة رشاشة. حدثنا الرقيب حسين الوايلي الذي التقيناه في أعلى أحد أبراج المراقبة عن المهمات التي يتولاها وزملاؤه المكلفون برصد أي تحركات تثير الريبة للتعامل معها، مبينا أن أبراج المراقبة المنتشرة في أعالي الجبال والمزودة بإمكانيات تقنية عالية تمكنهم من متابعة كل التطورات ومراقبة أي محاولات تسلل أو خطر يهدد حدود الوطن. جاهزية تامة كما أبان زميله الرقيب حسين صالح آل سالم الذي كان يستقل سيارة لحرس الحدود مزودة برشاش ثقيل، أن مهمة أفراد مجموعته اليقظة التامة على مدار الساعة للرد على أي تحرك للميليشيات الحوثية. وقال: «كما تشاهدوننا في جاهزية تامة مع زملائنا في القوات المشتركة للتعامل بحزم مع أي محاولة اختراق للحدود لنلقن العدو درسا لن ينساه أبدا». ولاحظنا في اليوم الأول الذي قضيناه في عمق الحدود ارتفاع الروح المعنوية لجنودنا البواسل في قطاع سرو سقام، واعتزازهم بالمهمة المكلفين بها والدور الذي يؤدونه بشجاعة، مؤكدين أنهم لن يسمحوا لميليشيات الحوثي والمخلوع الاقتراب من حدود الوطن الغالي.