اختراق حساب وزير التعليم في تويتر دق ناقوس الخطر، وبرهنت الحادثة والحادثة السابقة لوزير التعليم السابق على قلة الوعي في الثقافة الرقمية لدى وزرائنا في التعامل مع التقنية. الاختراق ذكرنا بصورة الوزراء الأربعة (وزير الخارجية، وزير الحج، وزيرا الدولة عضوا مجلس الوزراء) التي لاقت تداولا واسعا أثناء انشغالهم بتصفح جوالاتهم خلال حضورهم استقبال وفود القمة الخليجية ال 36. هذه الصورة تبرز مؤشرات مهمة وحساسة للمختصين بأمن المعلومات والمجرمين الرقميين والاستخبارات. الموضوع في غاية الأهمية إذا كانوا منهمكين بقراءة معلومات ومستندات سرية مرتبطة بأعمالهم الحساسة وهنا تكمن الخطورة في حالة اختراق أجهزتهم على سبيل المثال عن طريق التصيد الإلكتروني. كذلك لا يمكننا أن نغفل عن حجم الأنشطة التجسسية للصديق والعدو المزدوج أمريكا على المسؤولين حول العالم وما فضيحة تجسسهم على الهاتف المحمول للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلا خير برهان. المقلق في الأمر هو ما تقوم به منظمات الجرائم الرقمية للتسلل والتجسس على أجهزة الجوال والعالم الافتراضي لمسؤولينا. فعلى سبيل المثال كشف تقرير شيك بوينت تكنولوجي أن «روكت كيتن» الميليشيا الرقمية التابعة لإيران استطاعت التجسس على أكثر من 700 شخصية مهمة سعودية عن طريق التصيد الإلكتروني، وقد استفادت هذه الميليشيات من قلة الوعي لدى هؤلاء المسؤولين بزرع برامج خبيثة في أجهزتهم، وتزداد الخطورة أن هذه الميليشيات الرقمية لا تعلن عن أي اختراق بسبب أن هدفها جمع المعلومات وليس المباهاة. معنى ذلك أن الميليشيات لن تجد صعوبة في زرع البرامج الخبيثة في أجهزة وزرائنا بسبب قلة الوعي، الخطورة تكمن في ماذا لو كان أحد وزرائنا الأربعة أو غيرهم ضحية لهذا التصيد الإلكتروني؟ ألا تستطيع إيران التجسس على وزرائنا من خلال أجهزتهم التي يحملونها؟ سؤال آخر، هل مسموح بدخول وزرائنا بأجهزتهم في الاجتماعات الحساسة؟ هل تعملون أن المتجسس قادر على تسجيل هذه الاجتماعات؟ هل المسؤولون يعلمون إذا كانت أجهزتهم مخترقة أم لا؟ هذا يعني أن الهاتف المحمول تحول إلى جاسوس رقمي يرافقك في كل مكان ووقت وحتى عند إغلاقه، وفي المقابل كثير من المسؤولين وصناع القرار ورجال الأمن والجيش والقضاة والمثقفين تنقصهم الثقافة الأمنية الرقمية للتعامل مع مخاطر الهاتف الذكي والتطبيقات. عند وقوعك ضحية لهذه البرامج الخبيثة، سوف تكون عرضة لانتهاك خصوصيتك الشخصية كتسجيل فيديو أو صوتي لحياتك الخاصة داخل منزلك وخارجه، معرفة أسرار أسرتك وهواتفهم، وعلاقاتك الشخصية. ليس هذا فحسب بل تتعدى ذلك لتقوم بتسجيل مقابلاتك الثنائية مع المسؤولين وأصحاب القرار، والوصول إلى رسائل البريد الخاصة بعملك والمستندات، أليست هذه المعلومات كافية لتعريضك للابتزاز الإلكتروني وقد يتطور الأمر لتجنيدك؟ والأهم من ذلك هو قدرة المخترق على تحديد موقعك الحالي وتنقلاتك مما قد يعرضك للاختطاف أو القتل، وهذه مصيبة كبرى خاصة إذا كان الاختراق من الجماعات الإرهابية وتزداد الخطورة للضباط المسؤولين عن مكافحة الإرهاب والجيش في الحد الجنوبي. ماذا لو قام العدو باختراق جهاز أحد الجنود في الحد الجنوبي؟ ألا يستطيع التجسس ومعرفة الخطط وتحديد موقعه؟ أليس من الممكن توجيه صواريخ عن طريق GPS (إحداثيات تحديد الموقع) في عالم الحروب الإلكترونية؟ بالرجوع إلى موضوع اختراق حساب الوزير فيعتبر جريمة يعاقب عليها نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية وتصل العقوبة إلى السجن. وهناك سؤال يطرح نفسه ماذا لو قام المخترق بإرسال تغريدة مفادها تعليق الدراسة لمدة أسبوع في منطقة جازان بسبب الهجوم اليمني؟ ماذا ستكون ردة الفعل وتأثيرها في الأوساط المحلية والعالمية؟ وماذا سيحدث لأسعار البترول؟ * خبير الأمن الإلكتروني