الحمق ليس له سوى دلالة واحدة فقط وهي عندما لا تضع حسابات دقيقة لما تقول أو تفعل، وعندما لا تدرك خطورة ما تبثه إلى الناس مما قد يؤدي إلى فتنة في الوقت الذي تحتاج بلادنا، وهي تحارب على كل الجبهات، إلى وقفات وطنية يلتئم فيها شمل الجميع ويتحد فيها صوتنا تجاه من يعادينا أو يفتعل خصومات معنا. لقد كان من الحمق البالغ أن يطلق أحدهم أمس هاشتاق (إعلاميون يخدمون أعداءنا) ثم يجلس ليتفرج على ردود الفعل التي ليس فيها شيء مما يخدم الوطن ويجمع المواطنين على كلمة سواء. كيف لإنسان أن يجرؤ على اتهام مواطنين بخدمة أعداء الوطن هكذا بجرة قلم وبشهوة للفرقعة الإعلامية والظهور بصورة الوطني الذي يملك وحده صك الوطنية ومعاني الانتماء.؟! لو تأمل هذا قليلا لوجد أن إعلامنا منذ نشأته في الخميسينيات والستينيات الميلادية لم يكن لديه هاجس أكبر أو أهم من الوطن. وهو المعول عليه في الذب عن مواقف المملكة في مواجهات شرسة، عبر العقود الماضية وإلى الآن، مع الإعلام المعادي لقيادتنا وبلادنا ومكتسباتنا. ولو أنه، أيضا، تعقل قبل أن يطلق هذا الهاشتاق الأحمق لرأى من الكتاب والإعلاميين السعوديين، كلهم وليس بعضهم، مقالات ومشاركات إعلامية، قديمة وحديثة، ليس فيها صوت غير صوت الوطن وحقه في حماية استقراره وأمن مواطنيه ومواجهة أعدائه أيا كانوا وأين وجدوا؛ والدلائل على ذلك لا تحتاج إلا إلى فتح صفحة في صحيفة أو مطالعة قنوات الأخبار والحوارات. لذلك لا أجد تفسيرا لإطلاق هاشتاق من هذا النوع غير تفسير أن من أطلقه، واتهم إعلاميين بمعاداة وطنهم، اعتبر نفسه الوطن على أساس أن من ينتقده أو ينتقد تصرفاته وتصرفات أمثاله يعادون الوطن. وهذه فرية كبرى وتأليب لا يدل سوى على مرض مستحكم في نفسه وليس للإعلاميين فيه ناقة ولا جمل. وعليه إن أراد أن يخدم وطنه، كما يفعل كل الإعلاميين، أن يكفر عن ذنبه في الافتراء والتأليب بالاعتذار ليس للإعلاميين فقط، بل للناس الذين فاجأهم هذا التصرف وصدمهم من باب أنه ليس من حق أحد أن يفتح دكانا ليبيع بضائع الوطنية على مقاسه أو على هواه. الوطن بكل ذرات ترابه في عيون الإعلاميين كما هو في عيون كل السعوديين الذين لا يمارون ولا يناقشون في ولائهم وانتمائهم ولا يرتضون لوطنهم غير السلامة والعزة. وتبقى لدي نصيحة لصاحب الهاشتاق، من منطلق الوطنية المخلصة، وهي أن يكف عن هذه الفرقعات التي لا يدرك ولا يعي خطورة وقعها وآثارها على الناس.