يُعد "الهاشتاق" أو الوسم كما عرَّبه البعض، جزءاً من وسائل التواصل الاجتماعي أو من مكوناتها، ويمتاز بكونه يتجاوز حدود المتابعين للمرسل، ومن هنا تكمن أهميته وخطورته في الوقت نفسه، إذ إنَّ المرسل في كل الحالات قد يرى في ذلك ناحية إيجابية لتوصيل رسالته لأكبر قاعدة من المتلقين، فيما يرى المتلقي سلبية ذلك في محتوى بعض الرسائل ومدى تأثيرها على المجتمع. وقد يستغل البعض "الهاشتاق" في الدفاع عمن يوافقهم ومهاجمة كل من يخالفهم غير آبهين بالحقيقة، وقد جعلنا هذا أمام أمر واقع يُرثى له، خصوصاً فيما يتعلَّق بالتفسير السيئ للنوايا وتحطيم المبادرات والسباب والشتائم والقذف التي تعج بها هذه "الهاشتاقات"، لمجرد أن محتواها لا يروق لأصحابها أو يمس إحدى الشخصيات المُفضلة لديهم، أو التشكيك بقدرات الفريق الذي ينتمون إليه، إلى جانب مساهمتها بشكل واسع في جلد الذات والسخرية من شعب هذا البلد الذين هم أهله وذويه. "هاشتاقات" رياضية وأكَّد "مشعل الوعيل" -عضو هيئة التدريس في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود، ومدير النادي الإعلامي بالجامعة- على أنَّ "الهاشتاقات" الرياضية ما تزال تتصدر "الهاشتاقات" على "تويتر"، مرجعاً السبب لتصدر الجانب الرياضي اهتمامات فئة الشباب في مجتمعنا، مشيراً إلى أنَّ من يطلّع على ما يتم طرحه في هذا الجانب يجد أنَّ بعض "الهاشتاقات" هي من صياغة المدرجات، كما أنَّ بعضها الآخر هو التقاط لما يُطرح في وسائل الإعلام. وقال إنَّ المسؤولية الكبيرة في هذا الجانب تقع على عاتق الإعلاميين والمسؤولين في الأندية فيما يتعلَّق بالتعاطي مع "الهاشتاقات" المثيرة للتعصب، أو التي تحمل إساءات وأطروحات ضد أندية أخرى، أو تلك التي تُسهم في تأجيج الشارع الرياضي، مُضيفاً أنَّ ما يُطرح في العديد من "الهاشتاقات" المسيئة والموجّهة غالباً ما يقف وراءه إمّا مراهقون لا يدركون عواقب وأضرار ما يُنشئونه من "هاشتاقات" ضد أشخاص أو شخصيات بارزة. وأضاف أنَّ أولئك قد يكونون متعصبين رياضيين يحشدون مؤيديهم ضد لاعب أو مسؤول في النادي المنافس لناديهم، مُشيراً إلى أنَّ مما يؤسف له أنَّها تجد من يدعمها وينشرها لغريزة لا يمكنهم السيطرة عليها، وهي حب التشفِّي من الآخر، موضحاً أنَّها جميعاً تعود لحالة نفسية واجتماعية يعيشها هؤلاء تجعلهم يستخدمون كل الوسائل المُمكنة لإبراز الجانب السلبي فقط، نظراً لما يشعرون به من إثارة. أهداف إيجابية وبيَّن "عبد الله الضويحي" –إعلامي- أنَّه قد يكون ل "الهاشتاق" جانب إيجابي، وهو ما نتفق عليه ويدعو له البعض، وذلك حينما يكون الهدف منه قياس رأي عام أو الحصول على معلومات أو رؤى معينة حول قضيةٍ ما، وذلك لأهداف إيجابية، مثل دعم الوحدة الوطنية وتنميتها أو دعم وتعزيز مواقف معينة لأفراد أو كيانات لأنَّهم يستحقون ذلك أو دعم للمنتخب الوطني أو الفريق المُفضل، كما هو الحال في المجتمع الرياضي، مُضيفاً أنَّه قد يكون ل "الهاشتاق" جانب سلبي من ناحيتين. وأضاف أنَّ ذلك قد يكون من خلال أفراد أو جهات أجنبية تهدف إلى زعزعة الوحدة الوطنية لبلد ما، أو التفرقة بين أفراده وإثارة النعرات الطائفية بينهم، كالتقليل من قيمة المرأة أو الرجل في مجتمعنا المحلي والعلاقة بينهما، مما قد يعمل على زعزعة ثقة المواطن بنفسه، موضحاً أنَّ ذلك قد يكون من خلال الإساءة لأفراد آخرين أو كيانات، وذلك لأغراض شخصية، مُشيراً إلى أنَّها تبرز كثيراً في اختلاف الميول والتوجهات في بعض الأيديولوجيات والثقافات أو في المجال الرياضي. ولفت إلى أنَّ من أمثلة ذلك: التقليل من قيمة لاعب أو ناد معين، أو محاولة السعي لصناعة رأي عام يؤثر على صاحب القرار ويخدم توجهات صاحب "الهاشتاق" ومن يُناصره، مُضيفاً أنَّه توجد "هاشتاقات" لا قيمة لها، كالتي يهدف أصحابها لخدمة ذاتهم أو لطرح النكات والطرائف أو طرح موضوعات لا تقدم ولا تؤخر وليس لها أيّ تأثير على الجانب العام، مُبدياً أسفه نتيجة وجود من ينساقون وراء بعض "الهاشتاقات" على سبيل الطرفة أو حسن ظن بمقاصدها دون إدراك لأبعادها وأهدافها، موضحاً أنَّ ذلك هو نتيجة ضعف الثقافة لديهم في هذا الجانب. معادلة أخلاقية وقال "د.مطلق ندا" –رجل أعمال- :"أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام و(تويتر) بشكل خاص في هذا العصر نعمة ونقمة في الوقت نفسه، وبتعبير أدق سلاح ذو حدين"، مؤكداً على أنَّ الضابط فيما يُطرح فيها هو أخلاق الشخص نفسه في ظل عدم وجود رقيب حازم، وبالتالي فإنَّ من حسنت أخلاقه سيتعامل معها بما يرى أنَّه سبيل للخير والحق، ومن ساءت أخلاقه سيتعامل معها بما يرضي غروره وهواه ورغباته غير الحسنة، مُبيِّناً أنَّ ميزان هذه المعادلة الأخلاقية -إن صحت التسمية- هو وجود بعض "الهاشتاقات" المفيدة للفرد والمجتمع والوطن. وأضاف أنَّ هناك "هاشتاقات" ساهمت في علاج تقصير بعض الجهات الحكومية تجاه ما يخدم الوطن والمواطن، فيما يُقابل ذلك –للأسف- وجود "هاشتاقات" أساءت للوطن وبعض الشخصيات العامة والأفراد، مؤكداً على أنَّ الدافع من وراء ذلك هو الحقد وحب التشفّي ومحاولة نفث السموم لزعزعة أركان الوطن وإرباك المجتمع، لافتاً إلى أنَّ أصحاب هذه "الهاشتاقات" لا يمكن أن يُغرِّدوا بأسمائهم الصريحة، وإنَّما يعمدون في طرحهم غير البناء إلى أسماء مستعارة من أجل التشهير ببعض الأفراد وإلصاق التهم بهم دون وجه حق ولا رادع من ضمير أو دين. نقطة تحوّل وأشار "عبداللطيف الضويحي" -مستشار إعلامي- إلى أنَّ "الهاشتاق" أو الوسم في ثقافة التواصل الاجتماعي هو نقطة تحول كبيرة على أصعدة شتى، كما أنَّها خلقت تباينات معينة وأسهمت في بلورة اهتمامات وجماعات رأي عام، مُضيفاً أنَّ كل أو أغلب قضايا المجتمع أصبحت قيد النقاش وإبداء الرأي، حيث لم يعد هناك قضية عامة وأخرى غير ذلك، موضحاً أنَّنا أصبحنا نعرف رأي كثير من شخصيات المجتمع في العديد من قضايا الرأي العام، لافتاً إلى أنَّ المجتمع أعاد في حالات كثيرة تشكيل علاقاته، بعيداً عن الأطر التقليدية من القرابة والجيرة وما إلى ذلك. وأوضح أنَّ بعض الوسوم أو "الهاشتاقات" أصبحت تمثل مصدراً للمسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص في تصحيح أوضاع خاطئة أو لفت الانتباه لبعض الممارسات والسلوكيات الخاطئة وغير المسؤولة، واتخاذ حلولاً وإجراءات بشأنها، كما أنَّها عرّفت أبناء الوطن على بعضهم من خلال إطار معرفي شامل يتعزز كل يوم عبر متابعة أصحاب الرأي المستنير، مؤكداً على بروز أسماء في الإبداع الإعلامي والأدبي، خلافاً أو امتداداً لما هي عليه في الواقع، مُشيراً إلى أنَّ "الهاشتاق" أو الوسم نجح في زيادة إيقاع الحراك الاجتماعي والفكري والثقافي. وأضاف أنَّ "الهاشتاق" أو الوسم روَّض كثيرا من النفوس التي لم تتعود النقد أو لم تألف الرأي الآخر، موضحاً أنَّه أصبح لديها قابلية الأخذ والرد، كما أنَّه أوجد نوعاً من الحوار المستمر بين شرائح المجتمع؛ ممَّا خفف الاحتقان حول طرح القضايا العامة وتقبل نقاشها، إلى جانب أنَّه عمل على تحصين الجبهة الداخلية من خلال التعرف على الرؤى المخلصة ونقيضها فيما يتعلق بقضايا وطنية مهمة، مُشيراً إلى أنَّه رغم هبوط لغة التخاطب في بعض "الهاشتاقات"، إلاَّ أنَّها أصبحت تنضج شيئاً فشيئاً، ومن المتوقع أن يخرج كثير من الغثاء الذي عادة ما يصاحب أيّ ظاهرة اتصالية جديدة. نظرة تشاؤمية وبيَّن "خالد المنصور" –مخرج تلفزيوني- أنَّ ل"الهاشتاقات" أثرها البالغ سلباً وإيجاباً في توجيه الرأي العام في مجتمعنا وتغيير مزاجه حول شؤونه وقضاياه واهتماماته؛ لذا يلجأ إليها المستخدمون ليحققوا معها انتشاراً أوسع، متجاوزين العدد المحدود لمتابعيهم، مُشيراً إلى أنَّ الهدف من ذلك هو إيصال رسالة سامية أو نشر فضيلة أو الابتهاج بإنجاز، وربما كان لتحقيق شهرة معينة أو استعطاف وابتزاز الآخرين أو السب والسخرية لمن يخالف توجه الشخص، وربما يكون بغرض الإساءة للوطن وشعبه ومكتسباته. ولفت إلى أنَّ المتابع قد ينجرف خلف هذه "الهاشتاقات" بتعليقاته من مُنطلق "مع الخيل يا شقرا" دون أن يتثبت من صحته أو مغزاه أو مصدره، متوهماً أنَّه يتوجب عليه الإدلاء برأيه وانتقاداته واقتراحاته حتى إن كانت الموضوعات لا تعنيه، مؤكداً على أنَّ معظم هؤلاء المغردين قد تمكنت من عقولهم النظرة التشاؤمية لكل ما يجري حولهم فيتعاطون مع الأمر من هذه الزاوية فقط، مُبيِّناً أنَّ هناك صنف آخر تشرَّب التعصب الأعمى لتوجهه الديني والسياسي والرياضي وربما المناطقي أيضاً. ردود أفعال وأشار "أحمد الدوسري" –إعلامي- إلى أنَّ "الهاشتاقات" التي تلخص قضية أو حدثا بارزا في المجال الرياضي تنشط بشكل كبير على "تويتر"، موضحاً أنَّ إيجابياتها أكثر من سلبياتها، نظراً لأنَّ "الهاشتاق" يخصص لجميع المعلومات والصور في الموضوع ذاته، مضيفاً أنَّ البعض –للأسف- يبالغون في ردود أفعالهم ونقلهم للحدث، مُبيِّناً أنَّ الأمر الأكثر سوءًا هو انتشار الشائعة وتداولها بين المغردين أكثر من الخبر الصحيح، مؤكداً على أنَّ للشائعة شعبية كبيرة بين ناشطي "الهاشتاقات" و"تويتر" بشكل عام. خدمة حديثة وقالت "ناهد الأحمد" –مذيعة- :"أصبح (الهاشتاق) في الوقت الحالي إحدى السبل المجدية في انتشار الفكرة أو الموضوع التي يريد المغرد إيصالها بسرعة لأكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع"، مُشيرةً إلى وجود "هاشتاقات" حركت آراء الشارع السعودي، إلى جانب وجود عدد من القضايا التي أصبحت قضايا رأي عام بسبب "هاشتاق" ما. وأيَّدها الرأي "عبدالرحمن العازمي" –صحفي-، موضحاً أنَّ "الهاشتاق" خدمة حديثة وُجدت بهدف تسهيل عملية التواصل والبحث والأرشفة حول موضوع ما أو كلمة بعينها، مُشيراً إلى أنَّه نقطة تجمع واجتماع حول أمرٍ ما في مكانٍ ما على الشبكة العنكبوتية، مضيفاً أنَّه قد يكون هادفا، كالذي يعنى بالوطن ويحث على التكاتف ضد الأعداء ومخططاتهم، وقد يكون مسيئاً، كالذي يهدف إلى الإساءة لشخصٍ أو جهة ما. مشعل الوعيل عبدالله الضويحي د.مطلق ندا عبداللطيف الضويحي خالد المنصور أحمد الدوسري ناهد الأحمد عبدالرحمن العازمي