أصدر الروائي الإريتري حجي جابر روايته الثالثة «لعبة المغزل» عن دار المركز الثقافي العربي. جاءت الرواية في 207 صفحات، مبتدئة بعتبة نص لأليكسيس كاريل «لا يتغير الإنسان دون عذاب؛ لأنه النحات والمرمر معا». عوالم الرواية لا تخرج عن إريتريا، بخلاف ما كان في أولى رواياته سمراويت -نالت جائزة الشارقة 2012- التي كانت تتنقل بين إريتريا والسعودية، فيما روايته الثانية مرسى فاطمة (2013) فكانت أيضا بين إريتريا والسودان. اللعبة السياسية تمتد وتستشري في ألاعيبها بالناس حتى تصل إلى التاريخ. كلعبة المغزل تماما. حاكها الكاتب بطريقة ذكية حيث ينتهي المطاف بالقارئ إلى أن يرى المشهد من على قمة تركها الروائي في آخر الصفحات التي جاءت بعد عبارة «النهاية». هل كان الروائي حجي جابر يختبر وعينا بالأحداث التي توالت بعد عتبة الدهشة في أولى الصفحات؟ أم أنه كان يقدم تكنيكا ليتقن لعبة المغزل فيما بعد النهاية؟ هل غلافها الأحمر كان إشارة إلى الخطورة في مدلولاته الحذرة؟ أم إلى الحد الفاصل في إدارة الأرشفة بين ما يثير فضول بطلة الرواية؟ وهل لون فستانها الأصفر كان يستمد مفهومه من الوردة الصفراء حيث كانت تزهو به في آخر لحظاتها؟ التفاصيل في الرواية تبدو منتقاة بعناية فائقة، واللغة التي تسير على خيط رفيع بين السردية والشعرية خلقت أجواء الحذر والحب وأيضا اللعبة السياسية. كانت الفتاة تسرد التفاصيل إلى جدتها ذات القلب الطيب بينما الطبيب يتتبعها بكل ارتباك شديد وثقة تنبت في صدر القارئ للرواية. كما أن فصول الرواية لم تسمّ بالفصول، فلقد قام بتسميتها بالشرائط وقسمها إلى قسمين، وهذا يفشي قدرته في غزل الحكاية ببناء لا ينفك عن سيميائية الكتاب ابتداء من عنوانها المثير في أول لقاء مع الرواية.