... «حيث لا يجرؤ الآخرون»، شعار رفعته القوات اللبنانية في زمن الحرب الأهلية ولاقى رواجا كبيرا في حرب الإلغاء التي نشبت عام 1989 بين القوات اللبنانية برئاسة الدكتور سمير جعجع من جهة والجيش اللبناني بقيادة العماد ميشال عون من جهة أخرى. بعد 27 سنة عاد جعجع إلى الشعار نفسه عنوانا لزلزاله السياسي المتمثل في تبنيه ترشيح العماد ميشال عون منافسه اللدود لرئاسة الجمهورية. موقف أثار الكثير من الجدل وشغل الناس، بعضهم قلق وآخر فرح، إلا أن ما يجب تأكيده هو أن خطوة جعجع لا يمكن لأي طرف لبناني تجاهلها إن كان من 8 آذار أو من 14 آذار، فأبرز قوتين مسيحيتين اتفقتا على مرشح واحد. جعجع الحكيم في ما يفعل كما اعتاد عليه الجميع، عرف كيف يُخرج هذا الترشيح بالصورة التي رآها، إن من حيث الشكل أو من حيث المضمون، ففي الشكل ظهر كزعيم للمسيحيين في مستقبلهم المنظور، فهو الذي أمسك بيد الجنرال مساعدا إياه للوصول إلى المنبر، وقبل ذلك هو الذي استقبل الجنرال في مكتبه ليبارك هذا الترشيح، وما بين الخطوتين رسائل كثيرة أرسلها الدكتور جعجع إلى من يعنيه الأمر في الداخل والخارج. جعجع يعمل في السياسة بمنطق «صائغ المجوهرات».. «فلا جرام بالصاعد ولا جرام بالنازل» الكل محسوب عنده في السياسة. عندما أعلن ترشحه للرئاسة لم يكن مقتنعا أو يهدف إلى الوصول إلى قصر بعبدا، بل كان ترشحه بهدف قطع الطريق على العماد عون للوصول إلى بعبدا، خاصة مع ظهور بوادر تبني الرئيس سعد الحريري لهذا الترشيح في حينه. وها هو اليوم يرشح العماد عون مع بوادر تبني الرئيس الحريري لترشيح سليمان فرنجية. هو يتعامل في معركة الرئاسة ومن لحظتها الأولى بمنطق كرة القدم الأمريكية، حيث تمرير الكرة يكون إلى الخلف دائما والمهاجم الذي يسجل الهدف يأتي من خلف كل اللاعبين. جعجع هل رشح عون ليصل إلى الرئاسة؟ وهل ترشيحه لعون يحسم معركة الرئاسة؟ كثيرون يعتقدون ذلك وكثيرون أيضا يشككون في ذلك.. لكن الأكيد الأكيد أنه وحده من يعرف الجواب عن كل ذلك.