أطل حسن نصر الله على اللبنانيين مؤخراً وعبرهم على المنطقة فاقداً صوابه، وهذه هي المرة الثانية التي يظهر فيها نصر الله على هذه الصورة، الأولى كانت في آذار العام الماضي بعد يومين فقط على بدء التحالف العربي عاصفة حزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على الانقلابيين الحوثيين في اليمن، وكلّما طاش حجرُ حسن نصر الله وهو يخاطبنا عبر الشاشات المتعددة، ندرك بشكل دقيق أنّ المخطّط الجهنّمي الإيراني في المنطقة يتهاوى على رؤوس واضعيه ومنفذيه. بالكاد كان حسن نصر الله يحاول أن يستوعب الضربة التي تلقتها إيران في نيجيريا مع النموذج المستنسخ منه الشيخ «إبراهيم الزكزاكي»، حتى صُعِقَ الرّجل مع إعدام الشيخ نمر باقر النّمر النّموذج الرديء المستنسخ منه أيضاً في المنطقة الشرقيّة من السعوديّة لتنفيذ مخطّطها في إثارة الفتنة المذهبيّة والقلاقل الأمنيّة والتعجيل في زعزعة استقرار المملكة، في خطابه يوم الأحد الماضي طرح نصر الله سؤالاً مرمّزاً على جمهوره قال: «لماذا الإصرار على الإعدام وفي هذا التوقيت الآن وفي هذه الظروف الموجودة بها المنطقة؟ لماذا؟»؛ وغلف نصر الله هذا السؤال تجميليّاً بالحديث عن وجود إمكانية أن يقبل النظام في السعوديّة ب «حوار سياسي مع إيران ومع دول المنطقة ومع القوى السياسية الأخرى، وحوار في اليمن وحوار في سوريا وحوار في العراق، وحوار في المنطقة، وحوار في البحرين وحوار في ليبيا»!! فجأة صار حسن نصر الله يتحدّث عن الحوار مع المملكة، مع أنّه كان يواظب في كل إطلالته «الشاشاتيّة» على التأكيد لفريقٍ سياسي لبناني بأن لا ينتظروا حواراً بين المملكة وإيران، فما الذي استجدّ حتّى قدّم نصر الله كلّ هذه التنازلات في خطابه؟ وعلى ماذا كانت إيران تراهن حتى ينوب عنها الوكيل الشرعيّ لعلي الخامنئي في لبنان وبعد كلّ الإسفاف في الخطاب والتطاول على المملكة ومحاولة إحداث شرخ بين الشعب السعوديّ وقيادته الحكيمة باللَّعب على وتر الأسرة الحاكمة وبعد كلّ الشتائم التي ألحقها بالعائلة المالكة بالقول: «لماذا الإصرار على الإعدام الآن؟ وفي هذا التوقيت، هو كان يستطيع أن يؤجل الموضوع وكان يستطيع أن لا يعدم وكان يستطيع أن يعفي ويربح الناس، ويمد جسوراً»، ولله درُّ حسن نصر الله ما أبرعه في العبث وادّعاء «الفكاكة» في كلّ مرّة يبدو فيها وكأنّه تلقّى ضربةً قاضية على أمّ رأس المشروع الإيراني للمنطقة، فكيف بعد كلّ الصفات التي أطلقها بحقّ المملكة يتساءل أمام جمهوره «كان يستطيع أن يعفي ويربح الناس، ويمد جسوراً»، بالله عليك يا حضرة الأمين العام أليس ما كانت إيران تتّكل عليه هو هذا التسامح الذي تتمتّع به قيادة المملكة، أليس ما تُراهن عليه أنت وإيران هو صبر قيادة المملكة الطويل على تخريبكم للمنطقة وللعالم العربي، فيما أنتم تستغلّون هذه الحكمة وهذا الصّبر درءاً للفتنة المذهبيّة وتتمادون في إيقاد نيرانها؟! وهنا علينا أن نتساءل: ما الذي ينتظره العالم العربي من النّظام الإرهابي في إيران، مشروعها بات مكشوفاً ومعلناً إلى أبعد الحدود سواءً على لسان حسن نصر الله، أو على لسان مصطفى ملكوتيان أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران وأحد أهم مُنظّري الحرس الثوري الذي كشف في مقابلة لموقع «رجا نيوز» في 9 أيار 2011 ما يُنفّذه الحرس الثوري الإيراني في المنطقة، إذ قال: «علينا أن نطبق تجربة حزب الله اللبناني في البحرين من خلال تدريب وتشكيل مقاومة مسلحة تستهدف التواجد العسكري السعودي والخليجي هناك.. وعلينا استهداف آبار النفط في البحرين والسعودية فهذا سيجبر الغرب الذي سيجن جنونه من خلال تعرض مصالحه للخطر إلى اتخاذ مواقف ضاغطة ضد الحكومتين البحرينية والسعودية وبذلك سنحقق أهدافنا الاستراتيجية»، وطالب ملكوتيان حلفاء إيران في البحرين باتخاذ «أساليب المقاومة العسكرية» ضد الدولة البحرينية وقوات درع الجزيرة (...) واستهداف المناطق الحيوية في السعودية في غاية الأهمية، ولذلك علينا أن ندرب الثوار على كيفية صناعة الصواريخ لأجل تلك الغاية!! بُحّ صوتنا ونحن نحذّر من أن هدف إيران منذ مجيء الخميني -ومن ورائه من أرسله وحماه طوال سنوات طرده خارج إيران- هو المملكة العربيّة السعوديّة، منذ شباط العام 1979 والسعوديّة بل الحرمان الشريفان مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة، هدفٌ وضعته إيران الفارسيّة نصب عينيها، أليس هذا ما هدد به العام الماضي حشمت الله فلاحت عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني المملكة العربية السعودية قائلاً: «إذا منعت المملكة مراسم البراءة من المشركين في موسم الحج سوف تشتعل كل أراضي المملكة»!!