ملامح جعدها الجوع، ووجوه صفر الصحار حمرتها، وعوز لم يبقِ للمتعففين من صبر، بعد أن فرضت قوات نظام الأسد حصارها على بلدة «مضايا» غرب سورية، لتظهر صور وكالات الأنباء العالمية، حال سكان البلدة الريفية، لتنطق فيها ملامحهم الجائعة ب «يا أيها الجوع الطويل ألا انجلِ». سبعة أشهر من الحصار المزدوج، والذي تفرضه قوات حاكم دمشق، وحزب الله اللبناني على البلدة الريفية، أنهك سكانها الأصليين، ولاجئيها جوعا، ما حدا بالعديد من المنظمات الإنسانية الدولية بالدعوة لإغاثة «مضايا» قبل أن تنفق الهياكل البشرية التي لا تزال صامدة فيها من الجوع. على حدود البلدة الريفية التي كانت في سالف الأوان مقصدا للسياح، يقف جند النظام بانتظار موت الأطفال بدم بارد، سكان البلدة القريبة من الحدود اللبنانية يشيرون سرا إلى أن النظام الأسدي مع مليشيات حزب الله يساومونهم إما الركوع أو الموت جوعا، بيد أنهم اختاروا الخيار الأخير ليتساقط الأطفال والرجال وحتى الحيوانات في البلدة التي كانت تعتمد على مد الشام بالمحاصيل الزراعية. سكان «مضايا» لا يتابعون سخرية أنصار الرئيس الذي تورط في جرائم إبادة بحق شعبه، ولا مريدي ممثل طهران في المربع اللبناني، «من يبحث عن الملح ليبتلعه مع الماء، لا يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي بالضرورة، فمتطلبات البقاء باهظة ومؤلمة أحيانا». في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، يسخر الموالون لجانب الظلمة والقتل، من الصور التي خرجت من البلدة المنكوبة، لتنشر شابة مناصرة لحزب الله صورا لهيكل عظمي، وتقول ساخرة: «صورة لإحدى فتيات مضايا تنتظر عشيقها ليتزوجها». الاصطفاف الطائفي بلغ ذروته، فناشطون يرون أن ما يحدث في مضايا «كذبة»، وإن كانت «حقيقة»، فالسكان المحليون يدفعون ثمن مواقفهم الخاطئة، بحسب ما يعتقده مغردون تناسوا ما معنى أن يكون النبل حاضرا حتى مع الأعداء. الأيام لا تشي بانفراجة، فأطفال «مضايا» الذين ماتوا بالجوع، لا يختلفون عن أطفال الغوطتين الذين ماتوا بالغازات السامة والأسلحة المحرمة دوليا، هم أنفسهم لا يختلفون عن حمزة الخطيب «أيقونة الثورة» ونبراسها في درعا، إذ يقول مسن سوري إن الموت نتيجة واحدة للإجرام، وإن اختلفت طرقه وتباينت بشاعته. الخليجيون كعادتهم، يبدون تعاطفا كبيرا، بل يحاولون الوصول إلى آلية لإيصال المساعدات الغذائية والإنسانية للمنكوبين الذين يحاكمون على اشتياقهم للحرية، فالرياض لا تزال تعمل على الإغاثة الإنسانية للسوريين في مخيمات اللاجئين. «مضايا» والتي لم يفرق فيها الجوع بين لاجئ أو ساكن أصلي، حتى بلغ الأمر بأطفالها برضع عصير «البندورة» عوضا عن حليب أمهاتهم الذي جففته شدة الجوع حسبما أظهرت تقارير تلفزيونية، ستبقى وصمة عار في تاريخ الأممالمتحدة قاطبة بعد أن عجزوا عن إطعامها «رغيف خبز» يسد جوع المحاصرين.\