المحادثة التي دارت بين «عكاظ» وأحد القائمين على الإغاثة من قلب مضايا لا تحتاج إلى المزيد من الشرح والتوضيح.. إنها مليئة باليأس والإحباط ويزيد على وصفها «من بقي على قيد الحياة» بوصفها «إنها مجاعة القرن الحادي والعشرين».. هكذا تعيش مضايا يوميات الجوع. فقد البشر في مضايا القدرة على الحركة ومكثوا في بيوتهم بانتظار الموت البطيء، باتوا يستعجلون الموت ويفضلونه على الحياة في ظل الجوع الذي أنهك أجسادهم -حسبما يقول الأهالي في نداءاتهم-. أما المساعدات الطبية التي لم تعرفها المدينة منذ الحصار قبل 200 يوم فانعدمت بشكل نهائي للمرضى والحالات المزمنة. يروي سكان مضايا، أن حصار حزب الله اللبناني وميليشيات طهران المجرمة، تقتل كل من يريد الهروب من هذا السجن الكبير، مؤكدين مقتل العديد من الشبان الذي فكروا بالهروب من جحيم المجاعة، وفي خطوة تشبه ممارسات الحرب العالمية الثانية عمد النظام السوري إلى تهجير القرى المجاورة من مضايا وإدخالهم إلى هذه المدينة المنكوبة من أجل ابتزاز المجتمع الدولي، في ظل المماطلة بدخول المساعدات الأممية التي من المفترض أن تصل اليوم أو الغد. مأساة مضايا اليوم فاقت مأساة غزة المحاصرة برا وبحرا وجوا، فلا أنفاق للتهريب ولا جيران يرحمون سوى ميليشيات الموت الإيرانية وحزب الله. وأكد ناشطون أن درجات الابتزاز من هذه الميليشيات بلغت الذروة في مقايضات البيوت بحفنة من الرز أو القمح، أما الخروج من هذا الحصار فلن يكون إلا بالموت الذي تترقبه مضايا ليل نهار. في مضايا اليوم، مدينة من جلد وعظم فقط، وأرض يباب مقفرة ابتلع كل ما ينبت على سطحها الجائعون، وفوق كل هذه المصائب يأتي وحش الشتاء وبرده القارص.. ليسلم أهالي المدينة أمرهم لله أولا، ثم للأمم المتحدة ورحمة الميليشيات المحاصرة.