لم تكتف إيران بتدخلاتها في الشؤون العربية والخليجية، بل امتد تآمرها باتجاه دول بحر قزوين، حيث يمسك قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بسلسلة من الخرائط للدول المطلة على بحر قزوين، وقد تكون الخريطة الأهم بالنسبة له هي تلك الخاصة بأرمينيا المسيحية التي يزورها بين فترة وأخرى بدعوى الصداقة الإسلامية المسيحية، فيما يعزف عن زيارة أذربيجان الإسلامية التي يعيش فيها العديد من الشيعة نظرا لصلابة القيادة الأذربيجانية في وجه مخططات طهران التي كانت تستهدف السيطرة على الدولة من خلال إثارة النعرات الطائفية. وجدت طهران في أرمينيا المسيحية، كجارة لأذربيجانوإيران معا، ملاذها، فهي المكان الأقرب والأنسب لتنفيذ الخطط الإيرانية الهادفة لفرض السيطرة الشيعية على أذربيجان، ونجح سليماني في إيجاد غرفة عمليات له لإدارة المعركة مع أذربيجان، وعملاء إيران في باكو يزودون غرف سليماني التجسسية في يرفان بالتقارير التي ترصد كل كبيرة وصغيرة في أذربيجان تمهيدا لإشعال شرارة الفتنة الطائفية. سليماني الذي قدم لأرمينيا ضمانات بوقوف إيران إلى جانبها في أي اعتداء عليها كان يدرك أنه يريد استثمار علاقة طهران بيرفان المسيحية لتمكين الشيعة من السيطرة على نظام الحكم في أذربيجان. وحانت الفرصة لسليماني وأقنع حكومة يرفان باستقبال 10 آلاف لاجئ سوري وتوطينهم في منطقة «ناغورني كارباخ» المتنازع عليها بين أرمينياوأذربيجان منذ عقود على أن تقوم إيران بتقديم الدعم المالي لرعايتهم وفعلا انصاعت الحكومة الأرمنية لمقترحات سليماني ودفعت للمنطقة المتنازع عليها ب10 آلاف لاجئ سوري ما أدى إلى احتجاج باكو التي اتهمت يرفان بالقيام بعملية خطيرة جدا لها عواقب لا يمكن التكهن بها لتوطين سوريين أرمن في ناغورني كارباخ. الخطر الإيراني على أذربيجان أصبح أمرا ملموسا وعلى هذا الأساس فإن إيران ومنذ التسعينات تقيم علاقات صداقة مع أرمينيا وحسب معطيات فإن أرمينيا تعيش على حساب إيران لعدم وجود حدود مشتركة لها مع روسيا وأن لها حدودا إما مع دول عدوة أو ترتبط بها بعلاقات عدوانية مبطنة مع جورجيا. إن الدولة الوحيدة التي تقيم علاقات ودية مع أرمينيا المسيحية هي إيران وإنها لا تفضل إقامة علاقات صداقة مع أذربيجان المسلمة بل مع أرمينيا المسيحية لوجود مصالح جيوسياسية لها بذلك. كما تلاحق إيران وتقوم باختطاف عناصر الحركات الانفصالية من أبناء أذربيجان الجنوبية وكذلك المعارضين الإيرانيين ما اضطرهم لطلب اللجوء في الدول الغربية، كما توجد شبكة واسعة من العملاء في أذربيجان، تسعى طهران لتحريكها في حال سماح باكو لأمريكا باستخدام أراضيها لأغراض عسكرية، وتقوم إيران باستمالة شرائح اجتماعية بأفكار المساواة الاجتماعية والأخوة.