13 قاضيا يباشرون عقوبات القتل كضمانة وتأكيد على صون الدماء والتحقق من أن الحكم صائب وخال من أي ملاحظات، ويحكم عادة في قضايا القتل في درجة التقاضي الأولية 3 قضاة، ثم يدقق الحكم من قبل خمسة قضاة من درجة قاض استئناف، وهؤلاء لهم خبرات قضائية تقارب الربع قرن، وفي حال الموافقة وتأييد الحكم يدرس مجددا خمسة قضاة من المحكمة العليا الحكم وهم من درجة رئيس استئناف وهي أعلى درجة قضائية في المملكة، وفي حال وجود أي ملاحظات يتم التعامل معها طبقا للأنظمة القضائية إذ يمكن نقض الحكم أو تأييده أو رصد ملاحظات عليه، وفي حال إقراره يصبح الحكم نهائيا ويرفع لولي الأمر لإكمال ما يلزم. ويروي الشيخ تركي القرني قاضي المحكمة الجزائية السابق والمستشار القضائي الخاص خطوات محاكمة القاتل فيقول: بعد القبض على الجاني والتحقيق معه وثبوت التهمة عليه يرفع أمرها إلى القضاء، وهنا يحاكم من قبل ثلاثة من القضاة، فإذا حكم عليه بالقتل يرفع الحكم إلى محكمة الاستئناف ويدقق الحكم من قبل خمسة من القضاة، وإذا صدق من محكمة الاستئناف يرفع أيضا إلى المحكمة العليا للتدقيق من قبل خمسة قضاة، وفي حالة الموافقة على الحكم يرفع للمقام السامي لصدور الأمر السامي بتنفيذ ما تقرر شرعا، وتعد هذه المحاكمة التي تتم من قبل ثلاثة عشر قاضيا للمحكوم بالقتل ضمانا لحقوقه وأنه بالفعل يستحق القتل، ومن نافلة القول بأن جميع القضايا التي فيها إتلاف للجاني أو جزء منه كقطع يد السارق تمر بهذه المراحل حين المحاكمة وهذا ولله الحمد لا تجده في أي مكان بالعالم. وحول الفرق بين عقوبات القتل قصاصا وتعزيرا وحدا، يقول القاضي القرني: هناك خلط بين هذه الأحكام الثلاثة لدى الكثير؛ وذلك نتيجة عدم العلم بمدلولاتها من الناحية الشرعية، وحتى أبين ذلك أعرف كل نوع على حدة من الناحية الفقهية، فالقصاص مجازاة الجاني بمثل فعله، وأما الحد فهو عقوبة مقدرة شرعا لا يجوز إسقاطها متى توفرت شروط إقامتها ولم تكن هناك شبهة تدرأ بها، وأما عقوبة التعزير فهي عقوبة غير مقدرة في معصية لأحد فيها ولا كفارة فالجاني قد يقتل قصاصا أو حدا أو تعزيرا سواء بالسيف أو الرصاص، فعندما يقتل الجاني شخصا ويحكم على الجاني بالقتل بعد توفر الشروط فإن قتل الجاني هنا يكون قصاصا. وعندما يقطع جان آخر مثلا الطريق لأخذ المال أو يغتال أحدا، أو يفسد في الأرض مثل ما ذكر عن الجماعات الإرهابية والتكفيريين من قتل وسفك للدماء فينزل فعلهم على أنه من الحرابة ويحكم عليهم بالقتل حدا لأجل ذلك الفعل فيكون هنا قتله حدا كون الحرابة من الحدود الشرعية والتي عقوبتها مقدرة لقوله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم- المائدة آية 33، وقوله تعالى (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) الآية؛ وتوعد -سبحانه وتعالى- بأشد العذاب كل من تعمد قتل مؤمن، حيث قال تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)؛ كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في تعظيم دم المسلم: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا». وشملت الشريعة الإسلامية بعدلها وكمال أحكامها تحريم قتل الأنفس المعصومة من المستأمنين، وتحريم الغدر بهم، فجاءت النصوص المتتابعة بالتأكيد على ذلك. حالات تنفيذ العقوبة أضاف الشيخ القرني: عندما يهرب المتهم مخدرات إلى المملكة أو يحمل السلاح أو يتورط في الانضمام لعصابات لترويع الأبرياء وتثبت عليه هذه الجريمة ويحكم عليه بالقتل فإن قتله هنا يحتمل أن يكون تعزيرا، لاسيما إذا ما تقرر درء الحد عنه والحكم عليه من القتل حدا إلى القتل تعزيرا، وهناك فرق بين هذه الأنواع بأن المحكوم عليه بالقتل قصاصا لا أحد يملك العفو عنه سوى ورثة الدم، والمحكوم عليه بالقتل تعزيرا لا أحد يملك العفو عنه سوى ولي الأمر، أما المحكوم عليه بالقتل حدا فلا يملك أحد العفو عنه كونه عقوبة حدية مقدرة. وحول حالات تنفيذ العقوبة بين القتل بالسيف أو الرصاص أوضح الشيخ تركي: في الحقيقة توجد أحكام ينفذ بعضها بالسيف والآخر بالرصاص وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في آلة التنفيذ لكن الأساس أن تترك آلية التنفيذ لولي الأمر ما لم ينص الحكم الشرعي على الطريقة.