وصف خبراء اقتصاديون ومحللون ماليون في مصر ميزانية المملكة بأنها مثلت التحول من الاقتصاد الرعوي إلى الاقتصاد الإنتاجي، ووقفوا خلال حديثهم ل «عكاظ» أمام ارتفاع الإيرادات غير النفطية في ميزانية 2015 من 126 إلى 163 مليار ريال، أي بزيادة قدرها 29 في المئة، مؤكدين أن هذه الزيادة خفت من تأثير هبوط أسعار النفط، فيما اقترحوا تبني حزمة من المشروعات مثل تكرير النفط والتوسع في الاستثمار، كما توقعوا عدم اللجوء إلى التقشف. وأوضح الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب السفير جمال بيومى ضرورة الإسراع في تنويع مصادر الدخل بزيادة مساهمة القطاع الخاص، وتقليص النفقات في أجهزة الدولة، والانتقال إلى مرحلة الترشيد، وليس تخفيض الإنفاق العام بأقل التأثيرات على مستوى المعيشة، بالإضافة إلى وضع خطط إستراتيجية قادرة على مواكبة المتغيرات الاقتصادية العالمية. وأضاف بيومي أن العجز الذي سجلته المملكة بقيمة 367 مليار ريال في ميزانية 2015 يشير إلى أهمية تعاون القطاع العام مع الخاص، منوها إلى أن المملكة بشكل عام لا تعاني أزمة مالية بفضل الاحتياطات المتراكمة، واستقرار أو تحسن المؤشرات الكلية في الاقتصاد السعودي، مشيرا إلى أن التحديات الأمنية التي أحاطت بالبلاد مثل مواجهات الإرهاب وماحدث في اليمن تعد عبئا اقتصاديا كبيرا، مؤكدا أن المملكة ماضية قدما نحو التنمية، ولديها كل الإمكانات للعبور إلى مرحلة اقتصادية جديدة، يقودها تحالف قوي ومشترك بين القطاعين الحكومي والخاص، متوقعا أن تلبي الموازنة الجديدة كل احتياجات المواطن السعودي. وأرجعت كبير الباحثين بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية الدكتورة أمنية حلمي العجز في الموازنة إلى ارتفاع فاتورة الواردات، مشيرة إلى أن اقتصاد المملكة بصفة عامة قادر على مواجهة التحديات، فهو ضمن أقوى 20 اقتصادا في العالم، وهو من الاقتصاديات المستقرة عالميا، وطالبت بعدم الاعتماد على عائدات النفط كدخل قومي وحيد للبلاد، والعمل على وضع خطة اقتصادية مستقبلية بتطوير كافة القوانين التي تساعد على زيادة الاستثمارات الخارجية، خاصة أن المملكة تعد من الدول الجاذبة للاستثمار لما بها من مشروعات استثمارية كبيرة جاذة للاستثمار خاصة الصناعات البتروكيماوية، وتنويع مصادر الدخل، وإحداث نقلة نوعية للاقتصاد، تنهي اعتماده على إيرادات البترول فقط. وأشارت حلمي إلى أن تنويع مصادر الدخل سيعزز من الميزانية العامة بالمملكة، وتوقعت أن تقوم المملكة خلال الفترة المقبلة بترشيد عام للاستهلاك، في مقابل زيادة في البنية التحتية من خلال إنشاء الطرق والجسور، ما يؤدي إلى زيادة الاستثمارات، وزيادة الإنفاق العام على الصحة والتعليم، والتوسع في معاهد البحث والتطوير والأقسام التقنية بالجامعات المختلفة ودعمها والتوسع صناعيا وزراعيا، وتشجيع القطاع الخاص واستغلال الموانئ على الخليج العربي والبحر الأحمر، بهدف زيادة مساهمة إيراداتها، موضحة أنه رغم كل المخاوف فإن الأداء الاقتصادي للمملكة يعتبر الأفضل عالميا. ويرى الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور عز الدين حسنين أن الطفرة التي حققتها الموازنة السعودية في العام 2008، تعود لارتفاع أسعار النفط الخام، ما تبعه ارتفاع الإيرادات النفطية، ولكن حين تتم مناقشة موازنة المملكة في ظل الانخفاض الكبير لأسعار النفط نجد أن هناك عجزا وصل إلى 367 مليار ريال، كما أن هناك فارقا بين الموازنة التقديرية والموازنة الفعلية، حيث زادت المصروفات الفعلية عن المخطط لها ب 115 مليار ريال، وأن المملكة كما تتوقع وصول الإنفاق في 2015 إلى 975 مليار ريال مقارنة مع 860 مليارا متوقعة في الخطة الأصلية، متوقع وصول الإيرادات إلى 608 مليارات ريال في 2015 مقارنة مع 715 مليارا متوقعة في الخطة الأصلية.