ترى أجهزة الإعلام المؤثرة في الرأي العام الغربي أن الهجمات التي شنها تنظيم «داعش» الإرهابي في العواصم الغربية أخيرا، خصوصا في فرنساوبريطانيا والولايات المتحدة، لم يقتصر تأثيرها على الخسائر في الأرواح، بل تعداه لإتاحة الفرصة لتصاعد شعبية الساسة المأزومين ذوي الأجندة العنصرية اليمينية المتطرفة، كما يحدث لحزب الجبهة الوطنية في فرنسا ووقاحة زعيمته مارين لوبان، وللطامح إلى الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب. تقول «ذي نيويوركر» الأمريكية إن ترامب أضحى لوبان الأمريكي، مشيرة إلى أن تصاعد شعبية اليمين الغربي المتطرف يضع الغرب أمام محنة حقيقية واختبار قاس، إذ إن الغربيين غدوا يتساءلون عما إذا كان صوابا تصنيف لوبان وترامب وأمثالهما بالفاشيستية، أم الفاشيستية الجديدة. وألمحت إلى أن خطر لوبان غدا أكبر من خطر نجاح ترامب في تولي الرئاسة الأمريكية، إذ إن حزبها بات قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على غالبية الحكومات المحلية في فرنسا. صحيفة «الإندبندنت» البريطانية كتبت أن خصلة جديدة من خصال لوبان غدت سافرة في الآونة الأخيرة، إذ إنها ضبطت في مقابلة تلفزيونية متلبسة بالكذب، حين نسبت حديثا إلى وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا لم تقله بالمعنى الذي نقلته لوبان. واضطرت لوبان تحت الضغط الذي مارسه محاورها التلفزيوني إلى مغادرة الأستوديو قبيل انتهاء المقابلة، مدعية أن تقصي المذيع عن حقيقة أقوالها جعل البرنامج أشبة بالمحاكمة. ومع أن نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة أظهرت تقدما للجبهة الوطنية التي تتزعمها لوبان، إلا أن صحيفة «لا فوا دو نورد» التي تعد كبرى الصحف الجهوية في منطقة نورد-با-دوكاليه- بيكاردي، وهي من أكبر مناطق شمال غرب أوروبا، شنت حملة صحافية عنيفة على لوبان وحزبها، وكتبت: «أن سياسات الجبهة الوطنية مناهضة لأوروبا وللهجرة. كما أن لوبان تعارض التجارة الحرة وأي نوع من العولمة. وهي تريد أن تغلق الحدود. وهذه السياسات ستضر بالنشاط التجاري والاقتصادي في المنطقة». وحذرت من أن تلك المنطقة التي يقطنها نحو ستة ملايين نسمة، وتجاور بريطانيا وبلجيكا، ولا تبعد كثيرا عن باريس، يوجد فيها عدد كبير من العاملين الأجانب، وبينهم مسلمون مسالمون كثر. مجلة «أبوللو» الفرنسية التي تعنى بشؤون الفن والفنانين تزعمت حملة لكتابة «رسالة مفتوحة» إلى لوبان، بعدما بدأت مؤشرات فوز حزبها بالسلطة المحلية في الإقليم الذي أشارت إليه الصحيفة السابقة. وأشارت رسالة «أبوللو» التي انضم إلى التوقيع عليها أكثر من 560 فنانا فرنسيا، إلى أن الفنانين في فرنسا يهمهم الإبداع والابتكار، بغض النظر عن لون الفنان وجنسه وديانته، في إشارة إلى خطاب الكراهية الذي تشنه لوبان على المسلمين والمهاجرين. الأكيد أن الحملات الفاشيستية لهذه السيدة «المسعورة» على المهاجرين والمسلمين تؤكد نازية وعدائية متأصلة في سلوكها، حتى وإن زعمت أنها تهدف لحماية التركيبة الديموغرافية في فرنسا، فهذه المحامية المطلقة التي أقصت والدها من زعامة الحزب الذي أسسه في عام 1972 ظهرت على حقيقتها حين بدأت تنادي بطرد المهاجرين، واجتثاث المسلمين من أوروبا الغربية، وتنغيص عيش الحكومة الفرنسية في حال فوز حزبها في انتخابات المناطق.