أُحبُ من الموتِ ما «لا يُحِبُّ» وأكرهُ فيه اختلافَ الهدَفْ. أحبُّ له أن يرى ما تخبئه الروحُ من لذّةٍ في اكتشافِ الخُصوبةِ، أو فرحٍ في ابتهاج الجَسَدْ أُحبُّ له أن يرى نشوةَ الرقص في عينِ فاتنةٍ، واشتعالَ الطَّرَبْ، وأن يتأمّلَ وجهَ الفتي إذْ يُعلّقُ لوحتَهُ بالجدارِ، وسيرتَهُ بالزمانِ وأحلامَهُ في ظلال السّعَفْ. أُحبُّ من الموت «أسرارَهُ» في اقتناص الفريسةِ حتى وإن سكَنَتْ في حروف الكِتابْ. أُحبُّ من الموت «سيقانَهُ الذهبيّةَ»، حين تُطلُّ على البهوِ ساعتُهُ، وتدندنُ في الروح دقّاتهُ، فيفرُّ إلى نفسهِ، خارج الموتِ، مستسلماً للغيابْ. أُحبُّ من الموت «شكل هزيمتهِ» حين يلقاك في شارعٍ مظلمِ، وهو يعرف أنك أقوى من الخوفِ في غمدهِ، فيقول: سلاماً سلاماً، سألقاك في الغدِ يا صاحبي بسلال الفواكهِ والياسمين وأزهى الثيابْ! أُحبُّ من الذكريات، الكثيرَ الذي لا يدوّنه الموتُ، حُزْنَ ترانيمِ عاشقتي البابليةِ في غابة «الناي»، أوراقَها حين تشعلُ ما كنتُ أحسبهُ نائياً في الكهوفْ. أُحبُّ التقائي بأوصافها، وهي تبحثُ عن صفةٍ لا توائمُها في بكاء الحُروفْ. أُحبُّ من الموتِ «أشعارَهُ» في جمالية الغزو «دِقّةَ عينيه» في لعبة القنْصِ، «قدرتَهُ» في ارتياد المسافات إمَّا أرادَ، و«خبرتَهُ» في فنون السّهَرْ. أحبُّ من الموتِ «أسفارَهُ»، مثلما الشمسُ ترحلُ دون موافقة الجنرالِ لها بالسَّفرْ وأعشقُ أنهارها، إذْ تسيلُ على فاتنات القُرى، في المغيبِ كأغنيةٍ من رذاذِ المطَرْ. أُحبُّ من الموت «نسيانَهُ» للصغيرِ على العشبِ يحبو وأُكْبِرُ فيهِ الجليلَ من الصمتِ، إمّا حضَرْ. أُحبُّ من الموت «فُقدانهُ» للدموعِ، وأعشقُ فيه «التسلّلَ» للحربِ، من دونما رايةٍ أو بيانٍ إلى الشعبِ، أو لقطةٍ في الصُّوَرْ. أُحبُّ من الموت «ما لا يُريْد» أريدُ حناناً على الطاولةْ، أُريدُ قليلاً من الخبزِ، كيلا يباغتَني «سُكّريْ» ويفوزُ بهذي الطريدةِ دونك يا موتُ، في المُنعَطَفْ. وأكرهُ فيه «الحيادَ المقدّسَ» في الفتْكِ، حين يربّي سواعدهُ لاختطاف العصافيرِ من وكْرها، والطفولةِ من مهدها، ثم يمضي بعيداً بعيداً، بلا أنّةٍ من حنانٍ، ولا شهقةٍ من أسَفْ. ولكنني، سأُحِبُّ من الموتِ أن يتروى إذا زارني لكيما أدوّنَ مرثيّتي وأدخِّنَ آخر «أرجيلةٍ» في يدِيْ وأُقبّلَ عاشقتي مثلما كنتُ أفعلُ في هيجان الصبا وجحيم الشَّغَفْ.