لا يعني وجود ثروة معدنية في باطن الأرض أن تكون الدولة غنية أو صناعية، والعكس صحيح، فكثير من الدول الصناعية -على سبيل المثال اليابان- لا يوجد في أراضيها معادن، بل تستورد ما تحتاجه منها، لأنواع الصناعات كافة، حتى أضحت إحدى أكبر الدول الصناعية، كما أن بلجيكا لا يوجد بها مناجم للألماس، ولكنها عاصمة تجارة وصناعة الألماس في العالم، وكذلك تعتبر لندن وباريس ونيويورك مراكز لتجارة الذهب والفضة والمعادن الثمينة المستخرجة من مناجم أفريقيا. ولكن المملكة العربية السعودية -والحمد لله- حباها الله بالثروات المعدنية المختلفة، التي يمكن استغلالها بطريقة مثلى، لتسهم في التنمية الاقتصادية للمملكة، وتحقق مصدرا إضافيا للدخل، ويدعم ذلك الاكتشافات العديدة من الرواسب المعدنية الفلزية واللافلزية كالذهب والفضة والنحاس والزنك والحديد والبوكسايت والفوسفات ومعادن العناصر النادرة، بالإضافة إلى رمال السليكا النقية وصخور الجرانيت والرخام، وآن الأوان لتحويل هذه الثروة إلى صناعة وعدم الاعتماد على صناعة النفط ومشتقاته فقط، بإنشاء هيئة ملكية لصناعة التعدين أو توسيع نطاق الهيئة الملكية للجبيل وينبع ليشمل صناعة التعدين، إضافة إلى النفط ومشتقاته، خصوصا أن الهيئة حاليا تشرف على مدينتي رأس الخير وجازان الصناعيتين، ولتحقيق ذلك يجب اتخاذ الإجراءات التالية، إعادة هيكلة قطاعات الثروة المعدنية كافة، وإخراجها من عباءة وزارة البترول وضمها تحت مظلة واحدة تشرف عليها وزارة التجارة والصناعة، مراجعة الأنظمة والتشريعات والبرامج والخطط المتعلقة بالمسح الجيولوجي والتنقيب عن المعادن والتراخيص ومراقبة الاستثمارات التعدينية، تشجيع الاستثمار الأجنبي في صناعة التعدين في المملكة مع اشتراط أن يكون لهذا الاستثمار قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ونقل التقنية وتوطين الوظائف، ودعم الدولة وصناعة التعدين، بإنشاء البنية التحتية اللازمة لهذه الصناعة مثل السكك الحديدية وموانئ النقل وإيصال الخدمات اللازمة من الوقود والطاقة والمياه إلى مواقع صناعة التعدين وتقديم القروض والحوافز للمستثمرين السعوديين، مع استقطاب الكفاءات الشابة والتي لديها فكر اقتصادي واستثماري لقيادة هذا القطاع.