انطلقت رواية (صدفة ليل) من خط الحجاز حيث يلتقى المسافرون للحظات ويتفارقون من غير أن يمسك أي منهم بحدث ويظن بأنه سيكون حبلا يربطها بذلك الزمان. ويقول الروائي إن اللحظات تفر في ماضيها إن لم تتراكم، وفي طريق الحجاز تتقابل الأحداث وكل حدث يعطى الآخر ديمومة البقاء، وتجمعت فسيفساء من الاحداث التي تظهر بأنها حدث منبت، فإذا بها تتسع وتتشابك لتولد حياة لم تكن على البال. فالرواية تستحضر الأفكار قبل الأحداث ولذا نجد أن الغلاف الاخير يشير الى ذلك بقوله: ينشأ أثناء السكون فعل متحرك، فلا وجود للصدفة.. فالصدفة هي لحظة التوقف المتولدة منها معادلة الوجود.. الحركة.. الحياة.. الأحلام.. فكل حركة تتجه بنا نحو الفناء أو الحياة. تستقبلك شخصيات نزاعة لإحداث حلمها، وتتوق لاكتمال وجودها متخطية قدرها بإيمان أن الواقع ما هو الا نتاج لأمانٍ صنعت في الغيب. وها هي قطوف تبذر قصة هوى لم يرتهن للصدفة مثلها مثل فائز ثابر للوصول إلى حلمه.. وبين واقعين تتناثر الالوان والحب والضغينة والتطرف..فهل صدقا أن الحياة تصفو حينما نحب، لتغدو نفوسنا معراجا للحياة. هذا هو الحب الذي يقول عنه سليم: لا بد للكون من عاشق حتى ولو كان وحيدا. وبين العشق والتغيرات الاجتماعية والثقافية يتولد مجتمع مسرطن ينقض على دعة الحياة ويتطرف حتى لم يعد أحد يعرف الآخر إلا من خلال النفاق والتمسح بالدين، في ظل مراقبة لصيقة على الكلمات والاحداث وينشأ من ذلك شعور بالكراهية يصل إلى التفكير بنسف الحياة. تبدأ الرواية من بداية السبعين ميلادية لتصل الى هذه الايام في مقارنة بين زمنين كانت العلاقات طبيعية لتصل الى علاقات متوترة جدا، تجسد عالم الآباء والابناء وبينهما جرى زمن تم فيه اختطاف كل شيء ولم يبق سوى الكراهية.