في معلومة محزنة حقا وتعبر عن حجم الخسائر البشرية التي تلحق بالمجتمع جراء حوادث المرور التي تنتهك بالفعل حق الحياة وسلامة الأبدان. ورد في جريدة عكاظ بتاريخ 13/2/1437ه، أن نائب رئيس شؤون العمليات بشركة (نجم) المكلفة بتسجيل ورصد وتقييم الحوادث المرورية بكافة أنحاء المملكة، ذكر أنه يتم تسجيل حادث مروري كل (30) ثانية في المملكة، وأن معدل الحوادث اليومية يصل لأكثر من (3000) حادث، وذلك عبر ساعة رقمية تقوم بحساب أعداد الحوادث بالمملكة، وذلك في ملتقى السلامة المرورية الثالث الذي أقيم بالدمام بمشاركة كل من جامعة الدمام وشركة أرامكو السعودية والإدارة العامة للمرور ووزارة التعليم ولجنة السلامة المرورية والرئاسة العامة لرعاية الشباب، الذي كان شعاره «الشباب والسلامة المرورية». أما المعلومة الثانية والأكثر فداحة وإيلاما هي ما أشار إليه الدكتور محمود البديوي عضو اللجنة الأمنية بمجلس الشورى عندما قال في الملتقى نفسه إن المملكة تحتل المركز الأول عالميا في عدد الحوادث المرورية، وقد وصل معدل الوفيات فيها لأكثر من (21) حالة وفاة يوميا أي شخص كل (70) دقيقة، أي ما يصل إلى (7661) حالة وفاة، بخلاف الإصابات التي تخلف وفيات وإعاقات جسدية بعد نقل المصابين إلى المستشفيات كما ورد في الخبر. حقيقة أذهلتني هذه المعلومات واستوقفتني لأقول في نفسي اللهم سلم .. سلمنا جميعا من حوادث المرور .. فإن كانت هذه الإحصاءات دقيقة أو قريبة من الواقع يظل الأمر مأساويا بكل معنى الكلمة، ولا بد من العمل لوضع خطة وطنية لمواجهة تصاعد حوادث المرور، ولا شك أن هذا المطلب قائم منذ سنوات .. ولتحقيقه يستلزم الأخذ بمبادرات فاعلة ومن جهات مؤثرة وقادرة على العمل لتجنيب مجتمعاتنا هذه الخسائر البشرية والمادية في الوقت نفسه. إن مشاركة جهات حكومية وأهلية في هذا الملتقى كفيلة بإذن الله لإعداد خطة وطنية قابلة للتنفيذ بدعم من ولاة الأمر يحفظهم الله. فبالإرادة الصادقة .. والدعم والتشجيع والتخطيط السليم ستتحقق الأمنيات .. وقد يأتي اليوم الذي تنخفض فيه معدلات الحوادث والوفيات الناتجة عنها. ولنا في تجارب الدول الأخرى عبره .. ففرنسا التي يبلغ عدد سكانها أكثر من (75) مليون نسمة، طبقت خطة حكومية عام (2002) للحد من الحوادث المرورية حيث يذكر (بيار جستان) رئيس الجمعية الفرنسية للوقاية من حوادث السير، أنه بعد أن بلغ عدد وفيات حوادث المرور (ثمانية آلاف قتيل) تم التحرك جماعيا وبإشراف الحكومة لتنفيذ خطة تمكنت بعد (3) سنوات من تقليص عدد الضحايا إلى حوالي (2000) قتيل، وبلادنا بما تملك من عقول وإمكانات وخبرات قادرة على إعداد خطة مماثلة تحد من تصاعد حوادث المرور من خلال تفنيد الأسباب ووضع الحلول بإذن الله تعالى.