استبعد محللون سياسون أتراك أن يؤثر حادث إسقاط الطائرة الروسية سوخوي 24 الأسبوع الماضي على الجهود الدولية في محاربة تنظيم داعش، مشيرين إلى أن المساعي التركية لتشييد منطقة آمنة في شمال سوريا بدأت تصطدم بالتدخل العسكري الروسي في المنطقة، فيما عبّر الشارع التركي عن ارتياحه لصد «الاعتداء» الروسي على بلاده، مطالبا موسكو بالاعتذار. وأكد الباحث والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غول أن الأمور تتجه حاليا للتهدئة بين أنقرةوموسكو، مشيرا إلى أن التصعيد العسكري ليس في مصلحة الطرفين اللذين تجمعهما علاقات اقصادية متينة. وأضاف ل «عكاظ»: «موسكو لن تفرط بمصالحها الاقتصادية مع أنقرة وتتورط بمواجهة مباشرة مع الأطلسي، وأعتقد أن محاولة التصعيد من قبل الرئيس الروسي والحديث عن نشر منظومة صواريخ إس 400 في سوريا، تهدف إلى رفع سقف التفاوض في الملف السوري، فيما يبدو الخطاب التركي أكثر واقعية وعقلانية». وكان بعض المراقبين شكك في إمكانية مساعدة حلف «الناتو» لأنقرة في حال الدخول بمواجهة عسكرية مع موسكو، على اعتبار أنه لم يفعل ذلك بعد الاعتداء الإسرائيلي على سفينة «مافي مرمرة» عام 2010. وعلّق زاهد غول على ذلك بقوله: «حادثة مرمرة لا تتعلق بمسألة اعتداء دولة على أخرى، بل باعتداء السلطات الإسرائيلية على بعض المواطنين الأتراك، كما أن البيان الذي أصدره حلف الأطلسي قبل أيام واضح تماما فيما يتعلق بالوقوف إلى جانب الدولة التركية في حال تعرضها لأي اعتداء». من جهة أخرى، يقول المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز «للأسف، بدأ القادة الروس مؤخرا يستخدمون الأسلوب نفسه الذي ينتهجه النظامان السوري والإيراني، عبر محاولة ربط اسم تركيا ب «داعش»، رغم أن الجميع يعلم أن النظامين المذكورين هما السبب في وجود «داعش» وتمدده، وذلك للتستر على ميليشاتهما المستمرة بقمع الشعب السوري». ويرى أن التصريحات «الانفعالية» الأخيرة للقادة الروس حول تجميد العلاقات الاقتصادية مع تركيا لن تطبق فعليا على أرض الواقع، «لأن اتخاذ خطوة من هذا النوع سيضر بالمصالح الاقتصادية لكلا البلدين اللذين يتجاوز حجم التجارة بينهما ثلاثين مليار دولار، منها 25 مليار لصالح روسيا، وهي المتضرر الأكبر من هذه الخطوة، أي أن تركيا ستتضرر ولكن بنسبة أقل». فيما يرى زاهد غول أن حادث إسقاط الطائرة لن يؤثر سلبا على مستقبل التحالف الدولي ضد الإرهاب، مشيرا، بالمقابل، إلى أن الهجمات الأخيرة التي نفذها عناصر تنظيم «داعش» في فرنسا وبعض الدول العربية ستزيد من متانة التحالف الدولي وتجعله أكثر فعالية. ويضيف: «بدأنا نشاهد آليات جديدة للتحالف ضد الإرهاب في خط الحدود التركية السورية من خلال عمليات مشتركة لأول مرة بين الجيشين الأمريكي والتركي اللذين وجها بعض الضربات التي مكّنت قوى المعارضة السورية من تحرير بعض القرى الحدودية التركية - السورية من تنظيم داعش».