كمستشارة ادارية دائما ما أؤكد على ضرورة الاهتمام برأس المال البشري من قبل الشركات الكبرى والعائلية، فالموارد البشرية لدينا تمثل تحديا كبيرا، فمشكلاتنا في قطاع الأعمال ليست فنية أو مادية لكنها في الكادر البشري. ومع الأسف فإن رؤية كثير من أصحاب الأعمال للموارد البشرية قاصرة ولا يرون في الموارد البشرية أكثر من جهة مسؤولة عن الرواتب والحضور والانصراف والغياب والملفات وضبط حقوق العاملين ومميزاتهم، وهذا ليس إلا إجراءات وعمليات موارد بشرية فقط. لذا لا بد من تغيير النظرة لمفهوم وعمل الموارد البشرية في كثير من شركاتنا وأن يتم النظر إليها كشريك استراتيجي مهم، فالارتباط المهني للعاملين في أي منشأة هو أحد العناصر المهمة لنجاحها. إن شكوى العاملين وتشويه سمعة المنشأة حتى لعملائها، تعود إلى غياب هذا العنصر، فهذا السلوك الخاطئ غير المبرر من العاملين، يصدر منهم حينما يشعرون بالإحباط أو التهميش، وقد يصدر حتى من الموظفين المميزين، الذين ليسوا دائما مرتبطين مع شركاتهم، ولذلك فملاك الشركات في أحيان كثيرة نجدهم في حاجة لموظفين أقل تميزا. «إن تغيير أنماط بعض السلوكيات الخاطئة وتقويمها في أي منشأة وقياس ذلك هو من صميم عمل الموارد البشرية وعناصرها، التي منها بناء رأس مال بشري متمكن وتطوير القيادات وإدارة الكفاءات وتحسين مستوى الارتباط المهني؛ بحيث يشعر الموظف بأن هذه الشركة أو المنشأة هي ملك له». وأوجه انتقادي لأبناء ملاك الشركات العائلية الذين يريدون أن يصبحوا مديرين في الشركة، علما بأنه في بعض الشركات العالمية قد يكون أحد أبناء المالك موظفا عاديا والآخر مجهزا ليكون رئيسا قادما، وهذا التجهيز مرن يراجع كل سنة، وهذا ما يسمى بتعاقب القادة. ومن خلال تعاملنا مع الشركات العائلية وجدنا مشكلات متعددة في إدارة الموارد البشرية وهي وإن كانت متباينة من شركة إلى أخرى إلا أن هناك قواسم مشتركة ومشكلات متشابهة، وأول ثغرة تراها في عمل إدارة الموارد البشرية النقص في بعض الوظائف مع زيادة على الحاجة في البعض الآخر. كما يلاحظ أيضا عدم وجود عقود بين الشركة والعاملين فيها تحدد فيها طبيعة ونطاق العمل الوظيفي المتعاقد عليه، والمزايا المالية للموظف، وموعد استحقاق الإجازة، والمسؤولية الملقاة على عاتق الموظف بما يحفظ للموظف حقوقه وللشركة سمعتها. وطالما ليس هناك عقود فليس هناك برامج تدريبية لرفع كفاءة موظفي الشركة، بل إن بعض الشركات العائلية لا تعترف بشيء اسمه تدريب لعدم قناعتهم بأهميته وللتكاليف المترتبة عليه. * خبيرة ومستشارة تخطيط استراتيجي