كشف مصدر مطلع ل «عكاظ» عن الأسباب الفعلية التي جعلت وزارة المالية في المملكة تفتح ملف إصدار سندات لبيعها في السوق العالمية؛ موضحا أن ذلك من أجل إحراز عدة مكتسبات عبر إصدار محدود الحجم؛ منها بناء خبرات ائتمانية بعد غياب طويل عن أسواق الدين العالمية والتمكن من الحصول على قاعدة مقارنات وبيانات يمكن الوقوف عليها عند الحاجة. وشدد على أن المملكة ليست في حاجة إلى استدانة خارجية خلال الفترة الحالية مطلقا في ظل توفر سيولة وصفها ب «الكافية جدا» ضمن حزمة من الخيارات الداخلية. جاء ذلك في أعقاب ما تناقلته وسائل إعلام عالمية ووكالات أنباء حول تسريبات أشارت إلى أن السعودية تهدف إلى بدء بيع سندات في السوق العالمية إما في عام 2016 أو 2017 في إطار خطة لم يتم الانتهاء منها بعد. وحول حاجة المملكة إلى الاستدانة من الأسواق العالمية؛ أوضح المستشار المالي فضل البوعينين أن المملكة أغلقت باب الاستدانة من الأسواق العالمية منذ التسعينات الميلادية؛ وتوجهت إلى السوق المحلية التي تتصف بالسيولة المرتفعة الباحثة عن قنوات استثمارية. وأضاف: قرار المملكة الإستراتيجي في الاعتماد على السوق المحلية اتخذ لأسباب جوهرية؛ وأي عودة عن هذا القرار يفترض أن يُدعم باحتياجات متغيرة وملحة قادرة على تغيير القناعات الحالية؛ وهو أمر استبعد حدوثه خلال الأعوام القليلة المقبلة؛ إلا أن وزارة المالية تستهدف بناء علاقة ائتمانية محدودة مع الأسواق العالمية تستثمرها في حال حاجتها مستقبلا للتمول الخارجي. ومضى يقول: مازال القطاع المصرفي قادرا على تغطية السندات الحكومية بسهولة؛ وأحسب أنه متعطش لوجود مثل هذه القنوات الاستثمارية خاصة وأنها توفر له عائدا جيدا بمخاطر شبه منعدمه؛ إضافة إلى كفاءة السندات التي تدعم قوة القطاع المصرفي السعودي. وتطرق في حديثه إلى ما تم نشره عبر وكالات الأنباء بقوله: أعتقد أن هناك بعض المعلومات غير الدقيقة في ثناياها، فحجم الإصدار المحدد بمليار دولار لا يرتقي إلى الحجم الذي يمكن للسعودية أن تكون في حاجة له؛ خاصة وأنها غطت بسهولة إصدارين خلال شهرين بحجم 27 مليار ريال؛ إلا أن يكون الهدف الرئيس من الإصدار على علاقة بأمور أخرى مرتبطة بالتمول المحدود. وأضاف: انقطاع المملكة عن أسواق الدين العالمية لأكثر من 15 عاما تسبب في عدم وجود البيانات الائتمانية وانقطاع الخبرات مع أسواق الدين العالمية المتغيرة بشكل سريع، وربما أرادت المالية من أي قرار مستقبلي الدخول إلى الأسواق العالمية لتحقيق هدف المقارنة وقاعدة البيانات وبناء العلاقة التي يمكن تطويرها مستقبلا وقت الحاجة؛ وبما يجعل من طرح السندات العالمية حينها أمرا سهلا ومقبولا ومقارنا من قبل المستثمرين. وشدد على أن وضع المملكة المالي مستقر مع وجود الاحتياطيات المالية وتوفر السيولة في السوق السعودية؛ مدعومة بتوفر بدائل غير مفعلة للدخل يمكن الاعتماد عليها بسهولة دون الحاجة للاستدانة الخارجية. واستطرد يقول: يجب التمييز بين الديون السيادية؛ وبين سندات القطاع الخاص التي تسوق عالميا لأن طرح سندات القطاع الخاص خارجيا؛ ومنها المصارف وشركات البتروكيماويات على سبيل المثال لا الحصر ربما تحقق هدفا تنمويا داخليا؛ بحيث يمكن الاستفادة منها في تمويل خطط التوسع والبناء؛ وبما يوفر مزيدا من التمويل الخارجي الذي يسهم في إتاحة السيولة الداخلية لتمويل قطاعات الاقتصاد غير القادرة على التمول الخارجي؛ وبالتالي يصبح هناك توازن أمثل يسهم في ضمان استمرارية عجلة التنمية دون معوقات. من جانبه أوضح الخبير المصرفي إبراهيم السبيعي أن إصدار السندات سيواجهه إقبال كبير من قبل البنوك قياسا بحجم عائداتها المرتفعة في ظل وجود الملاءة المالية لمؤسسة النقد السعودي، مضيفا: عرض السندات في السوق العالمية أمر طبيعي؛ وهناك دول ذات اقتصادات كبرى تلجأ إلى مثل هذه الخيارات مثل أمريكا وألمانيا وغيرها من الدول المعروفة بقوتها المالية. وعن رأيه في المستويات السعرية التي تم تداولها في وكالات الأنباء؛ قال: الأسعار تخضع لحجم السندات المطروحة من جهة ولنوعية الشرائح فيها.