الإرهاب الوظيفي للأسف نوع من أعنف الممارسات وأقذرها وأكثرها تهشيما للإنتاج العام؛ فهو مخلب يدس سمومه في ذهنية الإنسان ليرهقه جسديا ونفسيا ما يجعل منه عنصرا سلبيا في إدارته، فبدلا من دور البناء الذي يتوقعه المرؤوسون من قياداتهم إلا أنهم يجدون أنفسهم مشاركين مكرهين في دفع عجلة الهدم خوفا من سوط وصلاحية القرار الذي يرفعه الرئيس؛ حيث ينتهج بعض الرؤساء في مقار العمل أساليب يستغلون من خلالها جهل مرؤوسيهم بالأنظمة واللوائح ويتم استغلالهم بشكل أو بآخر لإنجاز مهام تصب في تحقيق مصالح شخصية. بل ويصل الحال إلى تطبيق عقوبات مخالفة للأنظمة تصل إلى حجز الراتب أو الفصل التعسفي أو الحرمان من امتيازات الموظف العام وكذلك إصدار تعاميم لقرارات مخالفة للأنظمة لتطبيقها ويصل الأمر إلى تضليل قيادات عليا ليقوموا بفرض التجاوزات وكأنها ضرب من العمل القانوني، ولنا أن نتخيل استمرار بعض التجاوزات لأعوام، مما يعزز الخطأ ليصبح عُرفا تتناقله الأجيال ومتى استيقظ موظف (مطلع) على الأنظمة يتفاجأ بسيل عرم من الاتهامات يحيله مجرما خارجا عن القانون متجاوزا للأنظمة، إن الإرهاب الوظيفي لا يفترس الموظف فقط، بل تتعدد فرائسه التي ينهش فيها ويهلكها فممارسة هذا النوع تنشر ثقافة التجاوز بشكل منظم وتوهم الجميع بمشروعيته، وهنا يتم تهميش الأنظمة ويتحول العمل إلى مزاجية تنتهك من خلالها حقوق الإنسان جمعاء ويصبح رقيقا تابعا لرئيسه خوفا و إذعانا، ويفقد الثقة في القانون ويتحول ولاءه للمدير بدلا من المؤسسة أو الجهاز. كذلك نجد فريسة أخرى وهي (التنمية) التي تتعطل تلقائيا فيصبح التطور والإصلاح مجرد شعارات يتم استغلالها بالطريقة ذاتها لتحقيق المصالح الخاصة. ضحية أخرى أكثر إيلاما وهي تقوية هذا الفساد وتحسينه باسم التقنية و مواكبة التطور، فتأتي البرامج والآليات التكنولوجية ليتم تجنيدها لصالح الأهداف نفسها مستغلين الدعم السخي من أجل سبل التطور . وأكبر الدلائل على انتشار هذا الإرهاب ما نراه في ردهات المحاكم الإدارية التي تنظر في التجاوزات التي تطال الموظف من الجهاز التابع له. ومما يبعث التفاؤل في بلادنا أنها ثابتة شامخة تنادي بتنمية الإنسان والاستثمار فيه وقد أسست لكل ذلك كيانات مدعمة بالكوادر والدعم المالي الكافي لتواجه أعداء التنمية وتقي المجتمع ومقدراته وإنسانه من الأخطار .