التعصب هو المنظور الذي يجعلك ترى أنه من المسلمات الوجودية والحتمية أن يحصل صدام وصراع وعنف متبادل مادي ومعنوي بين عصبتك والعصب الأخرى، بينما ذات عصبتك والعصب الأخرى في مجتمع وثقافة غير ثقافتك المتعصبة تتعايش بشكل سلمي وودي، والمستفيد الأوحد دائما من الصدام والصراع والحروب الأهلية بين أصحاب الانتماءات المختلفة هم فقط الديماغوجيون «مهيجو العصبيات العدوانية ضد المختلفين لغاية ركوب موجتها للوصول لمآرب أنانية» وكل من عداهم هو خاسر بالمطلق في الدنيا والآخرة لأنه سيعاقب على كل العدوان على حدود وحقوق غيره ودمائهم وأملاكهم وأعراضهم. وبالنسبة للعلاقة بين السنة والشيعة وكإثبات على أن الصدام بينهما هو أمر ناتج عن سيادة ثقافة ديماغوجية متعصبة وليس لمجرد وجودهما معا في مجتمع وبلد واحد أو جوار مشترك، يمكن النظر للفارق بين حال السنة والشيعة في باكستانوالهند، ففي باكستان تحدث بعض أعمال العنف الطائفية بين السنة والشيعة وتفجير مساجد ومدارس وأحياء وأسواق بعضهم واغتيال مشايخ الطائفتين، بينما وفي ذات القارة والامتداد الجغرافي والتاريخي تتعايش الطائفتان بسلام وود في الهند ولا توجد أي أعمال عنف طائفية بين الطائفتين مع العلم أن نسبة السنة والشيعة متشابهة في البلدين، وحتى في ذات البلد الذي تسوده الفتنة الطائفية وإرهابها وحروبها الأهلية يمكن المقارنة بين الفترة التاريخية التي سبقت تسلط السلطة أو الثقافة الديماغوجية المهيجة للعصبيات والعدوانية وبين الفترة التي تلتها للتأكد أن الصدام والصراع والإرهاب والحروب الأهلية بين الطوائف المختلفة هي نمط ثقافي وليست من تبعات الاختلاف في انتماءات أهل البلد الواحد أو الجيرة الجغرافية الواحدة، والشعب الواعي والفرد الواعي هو الذي يعي هذه الحقيقة الأمر الذي يجعله محصنا ضد دعوات تهييج التعصب العدواني ضد الطوائف الأخرى، بينما عقلية القطيع المفتقرة ليقظة الوعي العقلاني الموضوعي الفردي المستقل والمكرس والمسيرة من قبل الآخرين والمقولبة بقوالب المورثات التقليدية والسائدة هي التي تولد القابلية لدى الفرد والجماعة للتجاوب مع الدعوات الديماغوجية المهيجة للعصبيات وتبعاتها، وفي عصرنا الحالي ما عاد يمكن حجب خطاب التهييج الديماغوجي العابر للحدود لكن يمكن تحصين أبناء المجتمع من التجاوب معه عبر تكريس ثقافة تعايش المواطنة والانتماء لثقافة جامعة لا تحريض ديماغوجيا ومتعصبا فيها ضد الأقليات والمختلفين بالآراء والاجتهادات في مناهج التعليم ووسائل الإعلام الوطنية والممثلين لسلطات الدولة وأصحاب التأثير العام الجماعي وإلا فعواقب الثقافة التحريضية المتعصبة تقع ويلاتها على الجميع في دوامة ردات الأفعال الانتقامية.