بدأت وزارة العمل يوم الأحد الماضي في تنفيذ نظام العمل الجديد، الذي تضمن العديد من التعديلات الجيدة، التي حققت الكثير من مطالب كل من رجال الأعمال وموظفي المنشآت الخاصة، ومن المنتظر أن تؤدي بعض المواد ال38 التي تم تعديلها إلى إيجابيات كثيرة، من أبرزها إيلاء المزيد من الاهتمام بدعم تدريب وتطوير الموارد البشرية الوطنية، وتعزيز بيئة عمل المرأة في القطاع الخاص مراعاة لظروفها، مع منحها إجازة عدة لمدة 4 أشهر و10 أيام، مع حقها في تمديد الإجازة بدون راتب إذا كانت حاملا حتى تضع حملها، هذا إضافة لإعطاء المرأة الحامل الحق في توزيع إجازة الوضع، كما حرص النظام الجديد على زيادة فترة تجربة الموظفين إلى 6 أشهر، وإعطاء الحق للعامل في إضافة البنود الكفيلة بحفظ حقوقه لعقد العمل، هذا عدا رفع نسبة تدريب السعوديين إلى 12%، ومنح الموظف إجازة زواج مقدارها 5 أيام، وكذلك زيادة فترة غياب العامل بدون عذر لمدة 15 يوما (متتالية) أو 30 يوما متقطعة سنويا قبل فصله، إضافة لتمديد فترة قيام العامل بتقديم إشعار إنهاء الخدمة إلى 60 يوما. ورغم احتواء النظام على العديد من هذه الإيجابيات بالنسبة للعامل أو صاحب العمل، فإن التعديل الجديد تضمن مادة جدلية؛ قد تقلل من قيمة معظم إيجابيات النظام؛ لأنها وببساطة ستؤثر سلبا على مستقبل بعض الموظفين العاملين في القطاع الخاص، حيث أعطى التعديل (لأول مرة) صاحب العمل نصا نظاميا؛ يسمح له بإنهاء خدمات الموظف، بدون أن يتحمل رب العمل مشقة عناء البحث عن عذر مناسب لذلك. والملفت هنا هو أن توقيت بدء سريان نظام العمل الجديد جاء بعد أيام فقط من الإعلان عن قرار إيجابي مهم وذو صلة بالموضوع؛ هو تأسيس هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، والذي قوبل بارتياح شعبي كبير فور صدوره عن مجلس الوزراء الموقر في جلسته قبل الأخيرة، وكان الهدف منه مواجهة نقص فرص التوظيف، وتعزيز الاستقرار المجتمعي والوظيفي في البلاد. والأكيد هو أن المادة (77) الجدلية، أغفلت عامل الأمان الوظيفي؛ الذي قد يؤدي فقده إلى عزوف الكثير من الشباب عن العمل في القطاع الخاص، حيث نصت المادة بعد تعديلها على ما يلي: (مالم يتضمن العقد تعويضا محددا مقابل إنهائه من أحد الطرفين لسبب غير مشروع، يستحق الطرف المتضرر من إنهاء العقد تعويضا يعادل أجر خمسة عشر يوما عن كل سنة من سنوات الخدمة، إذا كان العقد غير محدد المدة). تجدر الإشارة هنا إلى أن النص (القديم) للمادة (77)، كان يجيز للموظف المتضرر من الفصل «بدون سبب مشروع»، تعويضا تقدره هيئة تسوية الخلافات العمالية، ويراعى فيه ما لحق بالموظف من أضرار مادية وأدبية نتيجة لإنهاء العقد بإرادة منفردة من صاحب العمل، فضلا عن أن النظام السابق أعطى ل(الهيئة)، سلطة تقديرية للنظر بعودة العامل المفصول لعمله، وهو ما غاب عن النظام الجديد! وأنا هنا لست ضد حق صاحب العمل في الاستغناء عن الموظفين الذين لا يرغب في بقائهم، وإنما الملاحظة تتركز حول أمرين، أولهما هو ضآلة مبلغ التعويض الذي سيشجع أصحاب الأعمال على التخلص من الموظفين، والثاني هو السماح بإنهاء الخدمات بدون سبب وجيه؛ وهو ما سيخلق مشكلة بطالة جديدة، فضلا عن أنه يخل بمبدأ تكافؤ العلاقة التعاقدية بين طرفي العقد التي تؤكد وزارة العمل حرصها الدائم عليها، ونرجو أن يكفلها النظام لطرفي العقد؛ بعدالة. لكل ما تقدم، آمل أن يتم إعادة النظر بالتعديل الجديد على المادة (77)، على نحو يعالج الخلل الذي قد تنطوي عليه. وبما يعيد الثقة للموظف السعودي في قدرة النظام على توفير الحد الأدنى من الحماية القانونية، التي تكفل له عدم تعرضه للتعسف، وفقدانه لمصدر رزقه، وزيادة العبء على هيئة توليد الوظائف (الوليدة)!؛ في ظل حرص ولاة أمرنا -يحفظهم الله- على ما يخدم الصالح العام وتحقيق مصالح المواطنين؛ وتوجيههم كبار مسؤولي الدولة بتيسيرها؛ مراعاة لأحوال وحاجات الناس.