تكاد تنفجر شوارعنا من شدة اكتظاظها بالسيارات، بل لو أن الانفجار أمر ممكن لكان وقع لها منذ زمن بعيد جدا، فقد أكل الازدحام أوقاتنا، صحتنا، سياراتنا ومصالحنا، وأصبح همنا اليومي المستمر حتى قتل كل جميل في حياتنا، فالحلول التي تقوم بها وزارة النقل ووازرة الشؤون البلدية لم تؤثر في التخفيف من تلك الأزمة، التي اقتربت من أن تصبح كارثة إن لم تكن وقعت الكارثة بالفعل ونحن لا نشعر؛ لأن الحلول تعتمد على التوسع في الطرقات، في حين أن معدل النمو السكاني وبالتالي السيارات في الشوارع أعلى بكثير من نمو التوسعات بل حتى أعلى من أي نمو متوقع داخل المدن مستقبلا، خصوصا أن توسع الطرقات وصل مداه النهائي في معظم المدن، لذلك التوسع ليس حلا إطلاقا لأزمة الازدحام، بل الحل في وجود نقل عام داخل كل مدينة، والقطارات التي في طور الإنشاء لن تستطيع القضاء على المشكلة في الوقت المنظور بسبب محدوديتها. الحل برأيي هو في تفعيل النقل الجماعي وإعادته إلى بداياته الأولى، بإنشاء خطوط نقل تخدم طلاب المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية في كل مدينة، ثم تتوسع الشركة بعد ذلك في خدماتها حسب ظروف كل مدينة. وأستغرب أن شركة النقل الجماعي لم تقم بهذه الخطوة حتى الآن رغم أنها الحل الأسرع والأمثل لقضية الازدحام المروري، وعوائدها الاقتصادية واضحة ومضمونة، بدليل تزايد الشركات الخاصة التي تخدم الطلاب والطالبات والمعلمات، وتزايد استقدام السائقين الخاصين، شركات الليموزين، وحتى العمال الذين يستخدمون سياراتهم الخاصة في نقل الطلاب والمعلمات مستغلين كسل وتخلف شركة النقل الجماعي عن القيام بدورها التي أنشئت من أجله، فهل يستيقظ القائمون على شركة النقل الجماعي ويعيدون تشغيل الخطوط الداخلية لحافلات الشركة كما كانت في البدايات ويرحموننا وأنفسهم من هذا الازدحام القاتل.