شدد سماحة مفتي عام المملكة وأعضاء هيئة كبار العلماء على ضرورة تحقيق أهداف الحج الشرعية، محذرين أشد الحذر من تحويل هذه الفريضة إلى دعايات سياسية أو أغراض أخرى مخالفة تخرج الحج من مقصده الشرعي الأصيل. وأكدوا ل(عكاظ) أن تسييس الحج أمر مخالف للشرع ومحرم شرعا ومخالف للأنظمة، لافتين إلى أن هذه التصرفات وسيلة لإحداث الفتن وشق صف الأمة، ووسيلة إلى الفسوق والإفساد في الأرض المنهي عنه شرعا. استغلال محرم وأوضح مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ أن استغلال فريضة الحج لأهداف سياسية حرام ومخالف للأنظمة، مطالبا الحجاج أن يكونوا على قدر المسؤولية ويسهموا في استقرار الحجاج. وطالب سماحته العلماء والدعاة بفضح أصحاب المخططات الآثمة والظالمة الذين يريدون إخراج موسم وفريضة الحج عن ما أراده الشرع وفرضه، مؤكدا أن التسييس محرم شرعا ومرفوض نظاما. إفساد في الأرض من جانبه شدد عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للفتوى الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ على أن الحج شعيرة عظيمة يؤديها المسلم ابتغاء لوجه الله خالصة من شوائب الدنيا وشهواتها سواء كانت مادية أو غير ذلك من التي يجمح إليها الإنسان فيأتي المسلم لا يريد فسوقا ولا إفسادا في الأرض ولا إلحادا إنما يريد أن يلقى الله بعمل صالح يدخله في رحمته ويغفر له بها ذنوبه. وأكد آل الشيخ على ضرورة استشعار الحاج لقول الله تعالى (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) وكذلك (فمن حج البيت فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)، مبينا أن العلماء فسروا معنى الفسوق بالمعاصي ومن أعظمها إثارة الفتنة وإحداث الفرقة بين المسلمين والجدال الذي يدعو إلى الشر والتنازع والاختلاف، حيث يكون بذلك عدم تعظيم هذا الزمان والشعيرة، وقد تحرج الصحابة من البيع في الحج وهو مباح أصلا - خشية من أن يلهيهم ذلك عن ذكر الله - فكيف بإثارة الفتنة المحرمة في كل الأوقات، وقد أنزل الله تعالى (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) وقال: الواجب على المسلمين أن يسعوا إلى كل ما فيه الائتلاف لا أن يسعوا إلى إثارة الفتنة والخلاف والشقاق، لأن هذا مما يفرح به أعداؤهم ولا يكون به نصرة لدين الله ولا جمع لكلمة عباد الله المؤمنين في ذلك المكان أو غيره. وأضاف: على مر العصور اتفق المسلمون على تجريد مناسك الحج من أي صراع أو نزاع فرغم ما مر على الأمة من فتن ومحن إلا أنهم يستشعرون ويتذكرون في ذلك الزمان والمكان عظم الموقف والمشعر فلا يحدثون ما فيه معصية لله وينأون بأنفسهم أن يكونوا سببا في إثارة الفتنة في ذلك الموطن. وبين أن الله فرض الحج لتطهير النفس والإقبال على الله تعالى لا موضع نزاع شقاق وفراق وتصفية حسابات أو سعي لانتصارات لأشخاص على آخرين وإنما فيه الالتجاء إلى الله تعالى والإقبال عليه وإخلاص النية له، فمن حج مقبلا على الله يريد أن يؤدي العبادة على الوجه الذي أمر به فهو على خير، ومن حج ونيته خلاف ذلك من الشقاق والنزاع فقد خالف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. تصرفات شائنة من جانبه استنكر عضو هيئة كبار العلماء الدكتور يعقوب الباحسين استغلال فريضة الحج في مناكفات باطلة وقال «لا ينبغي أن يستغل الحج لأغراض سياسية وإثارة الفتن وقد جعله الله تعالى ليألف الناس بعضهم بعضا ويتآخوا ويتمسكوا بثوابت الشريعة لا أن يثيروا الأمور التي تسيء إلى جمهور الحجاج والناس الذين لا يرتضون التصرفات الشائنة الخارجة عما تقتضيه ثوابت الشريعة». إساءة للفريضة إلى ذلك أكد عضو هيئة كبار العلماء الدكتور قيس آل الشيخ مبارك أن الحج شعيرة إسلامية وركن به يتحقق المسلم بمعنى الإسلام وهو رحلة يسافر فيها العبد مرتحلا عن أهله وماله وولده إلى ربه متجردا عن الدنيا وغرورها منصرفا عما فيها من مظاهر الزينة والزخرف يحدوه الأمل في قبول تلبيته واستجابة دعوته في رحلته إلى الله، فمن الإساءة إلى هذه الشعيرة أن يحولها الناس إلى مناسبة للتهجم على الآخرين والتشفي بما قد يصيبهم من بلاء أو ينزل عليهم من عقاب، فهذا مناقض لهدي النبي صلوات ربي وسلامه عليه، فقد كان دلالا على بضاعة الرحمن، ولم يكن حانقا على أحد ولا حاقدا، بل كان يتمنى الهداية لعموم الناس، وكان يرجو لمن أبى سبيل الهدى والرشاد أن يخرج الله من ظهره من يقول لا إله إلا الله، ما أعظم حسن الخلق وعفة اللسان، وما أقبح الفحش في القول والعمل».