حبا الله المملكة العربية السعودية وفرة في النفط والغاز، حيث يبلغ احتياطيها نحو 266 مليار برميل، وما يقارب 299 تريليون قدم مكعب قياسي من الغاز الطبيعي بحسب التقرير السنوي لمؤسسة النقد لعام 2014م. ويصنف النفط في المملكة كأهم ركيزة من ركائز الاقتصاد، لذلك نجدها دوماً سبّاقة في مواكبة التطور التقني والبحثي لكل ما يتعلق بالنفط وصناعته، ويتجلى ذلك على سبيل المثال لا الحصر في استثماراتها الضخمة في الإنسان التي شملت إنشاء الجامعات المميزة، كجامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي اعتز بأني أحد خريجيها، وإنشاء المعاهد المتخصصة، ومراكز الأبحاث، وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الداخلي والخارجي، واستقطاب الشركات العالمية الرائدة التي يشار لها بالبنان للاستفادة من خبراتها التقنية والبحثية إضافة إلى توظيف وتدريب أبناء هذا الوطن وتطويرهم. عندما نتحدث عن صناعة النفط في المملكة، فنحن نتحدث عن قلبها النابض أرامكو السعودية ودورها الفعّال والاستثنائي في إدارة هذه الصناعة الضخمة من مرحلة البحث والاستكشاف إلى مرحلة الإنتاج والتصدير؛ ناهيكم عن دقتها المتناهية في جذب أفضل الشركات العالمية ذات الكفاءة المميزة وفق مقاييس عالية الجودة. لا يخفى عليكم أن مشاركة المعلومات والخبرات بين الموظفين ديدن جميع الشركات الناجحة، وأن بعضها سنت قوانين وأنظمة صارمة لذلك من أجل خلق بيئة عمل ناجحة ومميزة، بل إن مخالفة هذا النظام قد يؤدي لإنهاء الخدمة في بعض الشركات، وهذا يؤكد ضرورة الارتقاء بثقافة المنظومة والمجتمع دون استثناء أو تمييز. من هذا المنطلق ومن إيماني التام بحق المجتمع والوطن علي، سأسعى جاهدا مع من سبقني مشكورا لترسيخ هذا السلوك الحضاري، ونشر الثقافة النفطية. قد يستغرب المتخصص بأن هناك من لا يعلم بأن النفط لا يُنقل في براميل وأن البرميل وحدة قياس فقط تعادل 159 لترا تقريبا، وقد يتفاجأ الخبراء عندما يجدون بأن موضوع النفط الصخري شغل جُلّ حديث أطياف المجتمع المختلفة ونقاشاتهم معتقدين بأنه قطع كالصخر. كما قد يندهش البعض عندما يُسألون عن العلاقة بين النفط وتوليد الطاقة الكهربائية، وبين النفط وأدوات الطلاء والتجميل، وبين النفط والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، بل وحتى العلاقة ما بين النفط وما نستر به أجسادنا من ملابس. أعتقد بأن جميع الأسئلة السابقة التي تعتبر غيضا من فيض، لا تعكس أبداً قلة وعي هذا من غير أهل التخصص، بل يعكس بعض القصور غير المتعمد من بعض ذوي التخصص في نشر هذه الثقافة المهمة التي تتعلق بالنفط الذي يعتبر عصب اقتصادنا، لذلك سأسعى إلى تقديم معلومات مبسطة ومنوعة حول النفط وصناعته في مقالات لاحقة لنشر هذه الثقافة.