أمهات يأتي الليل فينام كل الإخوة الذكور، وتظل الأمهات وحيدات، كالشمعدانات، كمسابح خشبية على بسطة في سوق قديم. كآخر من تبقى من البخور، ينام كل الإخوة الذكور وتظل الأمهات وحيدات.. يوقظن العتمة من غفوتها... يقرصن النعس من أذنه لأنه تأخر، يفركن النوم في عيونهن... يضجعن على جنبهن الأيسر، فيقلقهن الشيطان الغافي في حوض الزريعة على الشباك. على الجانب الأيمن، يبتسمن للملائكة الطيبة التي تحب القصص. أخيرا، ينمن على ظهورهن، وقد احتضن صورة لكل الإخوة الذكور الذين ينامون في الليل، ويتركون الأمهات وحيدات في العتمة!!! مفارقة كان العطر دوما معتقا في القارورات المرصوفات أمام مرآتها.. وكن يتعجبن! وفيروز تصدح دوما «ببعدك على بالي، ويا سنين اللي رح ترجعيلي» وتتعجب! وتئن الخزانة من فساتين متراصة.. وتتعجب! بينما الروايات الملقاة إلى جانب السرير.. تتعجب! ويمام يفطر على طرف النافذة.. ويتعجب!! وصخب حفلة للصديقات.. ويتعجبن!! كان الإهمال لما حولها واضحا.. والفوضى تدب بين درفات حياتها أوضح.. وفي إحدى الصباحات المتأخرة... أعدت فطورا لليمام مدندنة «يمي وما بعرف كيف حاكاني».... رتبت سريرها، ربتت على كتف كل رواية بحنو.. واختارت فستانا وردي اللون.. ورشت هنا على الجيد عطرا.. ونظرت في المرآة.. استدارت يمنة يسرة..خطوة للأمام للخلف أخرى، نفضت شعرها، ضربت الأرض بكعبها.. تلعثمت بملامحها أمام المرآة ورفعت كف الوقت فيها ونظمت خفق القلب.. ضحكت أناها في المرآة لتجيب عن مبهم التغير فيها... قائلة عاشقة أنت يا أنا،، عاشقة يا للهنا. اعتياد المفروض أنه يحبها، والمفروض أنها تحبه!! الجدلية ال وقعتتي بينهما فيما بعد «لماذا؟ كيف نحن هنا ؟» تأزم مسائي معتاد على الشرفة الطينية بإدارة القمر الرمادي و نجمة طيبة تضيء عتبات بيت الجيران، تدب بشكل موارب نبض العشق في قلبيهما. يرمقها بعيني ذئب يترقب فريسة المساء وتتربص بوجهه بعيني بوم. يضحك؛ فتنكمش، يتنهد فتكركر، يناوب قدما على قدم فتبسط قدميها، يعقد حاجبين كثين، فترخي حاجبين رسما بحرفية، أنثى يشرب شايها قهوة مرة ويذيب لها السكر ملحا في كوبها يشده الصمت لفضاءات ليست بعيدة ؛ فتدندن بصوت مرتفع، يتثاءب فتحضر صحن المكسرات وتشاهد شريط فيديو لزفاف عاشقين كانا هما.