يترقب السعوديون اليوم أن يعلو علم بلادهم في ميدان سباقات العدو في العاصمة الصينية بكين، بعد أن فرض العداء اللامع يوسف مسرحي على عشاق الرياضة العربية إجمالا وأبناء جلدته على نحو خاص، توجيه أنظارهم صوب السباق النهائي ل400 متر في مونديال بكين لألعاب القوى، إذ لم تكن الأضواء قبل ذلك قد سلطت على أي من السابقات الأخرى لولا حضوره المميز منذ بداية مشاركاته وتألقه في تحطيم الأرقام واحدا تلو الآخر محليا وعربيا وانتهاء بالرقم الآسيوي، وسط رغبة جامحة منه في ملامسة الرقم العالمي أو التتويج على الأقل بذهبية السباق، في إنجاز إن حدث سيكون غير مسبوق ولم يحققه أحد سواه. ويضع المسرحي الرقم 43.93 ثانية صوب عينيه على أمل تخطيه وتدوين اسمه على رأس السباقات العالمية إن نجح في ذلك، بعد أن تحدى نفسه وكسر رقمه السابق المسجل قبل عام في لوزان ب 44.43 ثانية، وهو مؤهل لذلك وفق رأي الخبراء والفنيين الذين اعتبروا تسارعه تحديا لإعداده البدني والنفسي الجيد. على خطى شداد وصوعان يذكر التاريخ جيدا العداء السعودي سعد شداد الأسمري، والذي مازال اسمه يتردد على خارطة القوى السعودية كونه الوحيد الذي ظفر بميدالية برونزية في بطولة العالم، حيث حققها في سباق 3 آلاف متر موانع في السويد عام 1995، كما يذكر جيدا أول لاعب سعودي حصل على ميدالية في الأولمبياد، هادي صوعان الذي حصل على ميداليته الفضية عام 2000 في سيدني في سباق 400 متر حواجز، مسجلا ثاني أفضل زمن تلك السنة وكان قريبا من الذهبية لولا قوة خصمه في تلك الحقبة، ما يعزز التفاؤل بإنجاز عالمي على مستوى 400 متر مجددا، حيث يبدو المسرحي اليوم مهيأ لذلك وفق عدة شواهد لعل أبرزها خبرة المشاركات في البطولات الكبرى، إذ يشارك في بطولة للعالم للمرة الثالثة، فضلا عن وجوده بين العمالقة في دورة الألعاب الأولمبية عام 2012 وتقديمه مستويات كبيرة ورائعة وتحقيقه عدة ميداليات على المستوى الآسيوي، حيث حصد المركز الأول في سباق 400 متر في بطولة جامايكا الدولية، ونال عدة ذهبيات للسباق ذاته في دورات الألعاب الآسيوية 2014 والعربية. وفيما يؤكد الأمير نواف بن محمد رئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى عن أن إنجاز مسرحي أنه لم يكن وليد صدفة أو مجرد مفاجأة، وأنه توقع ذلك بحسب تصريحات له نشرتها «فرانس برس» نتيجة الإعداد الذي تم، يأمل اتحاد القوى أن يحقق اليوم ميدالية لوطنه، ورقما قياسيا على المستوى العالمي وسيكون أمرا رائعا لاسيما أن المنافسة قوية جدا. يوسف.. وتحديات خاصة قبل نحو عام تقريبا، ظل مسرحي حديث الشارع الرياضي نتيجة ظروفه المادية التي يعاني منها والتي استرعت اهتمام شريحة واسعة من الغيورين على أبطال الرياضة السعودية، ووضعت ظروفه وما يعانيه في تلك الحقبة من أزمة وخذلان كما وصف في حينها جملة مخاوف في تعثره ونهاية حلم نجوميته مبكرا، لكنه عاد بقوة وقد وجد تقديرا من عدة شخصيات بارزة ساندته ومنحته مزيدا من الأمل في النجاح والتألق. فالشاب الذي بزغت نجوميته قبل 7 أعوام عاد بقوة مواصلا أرقامه التي حصدها، والتي يحطمها واحدا تلو الآخر إذ بدأت مسيرته معها، حين حقق زمنا قدره 46.45 ثانية في لقاء ودي في لوس انجليس، وسجل عام 2010 رقما بلغ 45.48 ثانية في لقاء دولي في غوانغجو، ليعلن عن نفسه بشكل مختلف رقما مهما في منافسات دورة الألعاب الأولمبية في لندن عام 2012 وحقق زمنا قدره 45.43 ثانية، ثم حقق أفضل زمن له في مشواره الدولي ضمن البطولة العربية في الدوحة وانتزع الذهبية برقم جديد بلغ 44.72 ثانية، قبل أن يحطمه منذ 3 أيام في بكين. وليس سباق 400 متر فحسب ما يجيده المسرحي، إذ أنه خاض تجارب في سباقات الميل و800م و1500م و400م حواجز، لكن تركيزه في سابق ال400 منحه تألقا وخبرة أكبر، وسجل نفسه ضمن أفضل عدائي العالم ويأمل في خطف ذهبية السباق اليوم رغم قوة منافسيه وخبرتهم.