ثمة سؤال يحير جميع المحللين والمتابعين للسلوك السياسي الإسرائيلي في الفترة الأخيرة، لماذا كل هذا الانحدار الاستفزازي والتوحش الإرهابي في سلوك الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن وتصريحات النخب السياسية الإسرائيلية، خاصة هذه الأيام، التي يضيق فيها المجتمع الدولي بممارسات إسرائيل، وتوشك هذه الدولة على الملاحقة أمام منصات القضاء الدولي، وتتراكم الإشارات من أطراف متعددة في العالم بأن الاحتلال الإسرائيلي تجاوز كل الحدود، فترد إسرائيل على كل ذلك بتصعيد الإرهاب وعمليات القتل العشوائي ضد الفلسطينيين، وتصعيد جنون الاستيطان، والمبالغة في قمع المسيرات السلمية، ومضاعفة حجم الهجمات في القدس، وهدم البيوت إلى درجة التهديد بهدم قرية بكاملها فيها أكثر من ستين بيتا ومدرسة ومؤسسات أهلية أخرى كما هو الحال في قرية «سوسيا» في جنوب الخليل، ولماذا ترد إسرائيل حكومة وجيشا وأجهزة أمنية وقطعان مستوطنين بالمزيد من الاستفزاز على كل إشارة ترد إليها من المجتمع الدولي؟!. إنها مسألة محيرة بالفعل، أن تتراجع إسرائيل من مستوى دولة مسؤولة تفي بالتزاماتها إلى مستوى العصابات المكونة لها في الأساس، معلنة عبر هذا السلوك أن إسرائيل عاجزة تماما ورافضة تماما أن تكون جزءا من هذه المنطقة. هناك شيء من السباق مع الزمن في هذا السلوك الإسرائيلي، ومع غياب شريك سلام إسرائيلي حقيقي، فإن الحبل مفلوت على الغارب للأكثر تطرفا، كما أن إسرائيل تسابق الزمن لكي تستثمر الاختلالات في وضع المنطقة قبل أن تعود هذه المنطقة للإمساك بزمام الأمور، وتستغل الخلل في الوضع الفلسطيني في ظل الانقسام وما يجره هذا الانقسام من البعض في الوقوع مؤامرة الدولة ذات الحدود المؤقتة. وثمة من يرى أن إسرائيل تريد ما هو أبعد من ذلك، أن يؤدي هذا الاستفزاز الإرهابي إلى تفجير مجمل الحالة الفلسطينية لكي تتوارى إسرائيل من جديد وراء أي تصعيد فلسطيني، فتعود وتحمل القتيل عبء المسؤولية.. من الواضح أن المرحلة المقبلة ستكون أصعب، وأن التهديدات ستكون كبيرة، وأن إسرائيل ستمد مخالبها الإرهابية في كل اتجاه.