لماذا لا يتقاعد السياسيون في لبنان؟ سؤال لن تجد له الإجابة الشافية عند السياسيين اللبنانيين أنفسهم، وإن وجدت، فإنها في أغلب الأحيان تلامس الدعابة؛ كما هي حال إجابات النائب وليد جنبلاط الذي انتقل بفعل تصريحاته من زعامة الحزب التقدمي الاشتراكي الذي سلمه لنجله تيمور إلى زعامة مواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت الشغل الشاغل لروادها بانتظار تغريدة جنبلاطية من هناك أو هناك؛ لما تحمله من رسائل وأبعاد سياسية، والتي كان آخرها قوله: «كان لدي مشروع للتقاعد (ما زبط معي) فقد كنت أريد الذهاب لمهمتي التي صرحت عنها بأن أكون زبالا في نيويورك، لكنني أصبحت الزبال الأول في لبنان». «ما زبط» مشروع التقاعد مع النائب جنبلاط، ويبدو أنه «لم يزبط» مع أي سياسي لبناني سبقه إلى المشروع مؤخرا، إن كان الرئيس أمين الجميل أو سليمان فرنجية الذين تواتروا بدورهم إلى تسليم أحزابهم لأبنائهم، إلا أن الأداء السياسي للآباء أو الأبناء ما زال مغايرا للواقع الجديد. عبدالسلام أديب (أحد كبار الصحافيين بالمغرب) يقول إنه لا يوجد في القاموس العربي مصطلح «التقاعد السياسي»، فالسياسيون مستمرون بمواقعهم طالما يحسنون الأداء.. وإن أخلوا في أدائهم يتم عزلهم، الأمر الذي نسميه في القاموس نفسه ب«التصفية السياسية»، أما من يدعي التقاعد فإنما هو يحاول خلط الأمور في أذهاننا. من جهته، شرح ل«عكاظ» مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس عن أسباب تراجع جنبلاط عن فكرة التقاعد السياسي، وإن كان لها تأثير على مسيرة نجله، فقال: «لا بد من الإشارة أولا إلى أن الواقع السياسي القائم في لبنان يفرض نفسه على السياسيين للتراجع عن تصريح من هنا أو هناك، جنبلاط ما زال رئيس كتلته البرلمانية، وما زال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، لكن حدث أن سلم نجله تيمور الشق الاجتماعي والمطلبي في الحزب كخطوة أولية؛ تمهيدا لخطوات لاحقة يعلن عنها النائب جنبلاط في حينه». وختم الريس قائلا «في لبنان هناك ما يسمى باللعبة السياسية، ومن استمر فيها هم قادة تاريخيون ساهموا في صنع تاريخ لبنان، وهناك قادة تاريخيون أيضا أفل نجمهم وأقفلت بيوتاتهم السياسية بسبب الأحداث التي كشفت أداء وارثيهم الذين لم يكونوا على قدر المسؤولية».