تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بالإنترنت العربية والأجنبية أخبارا وصورا لتصرفات للسياح الخليجيين في الدول الغربية تتسم بالقبح والوقاحة والفجاجة والهمجية وخدش الذوق العام وحتى مخالفة قوانين تلك البلاد، والصادم أن من يقومون بها ليسوا من خلفيات غير متمدنة إنما هم يتعمدونها لأنهم يعتبرون تصرفهم بتلك الأنماط المستفزة نوعا من العنتريات ولهذا صارت هناك ما تشبه المنافسة بين السياح الخليجيين فيمن يقوم بأكثر التصرفات همجية وفجاجة ووقاحة وخدشا للحساسيات والذوق العام ويصورها وينشرها ليحظى بشهرة بسببها قد تحوله كما فعلت مع غيره إلى فعاليات بالسياحة الداخلية!. وهذه موضة جديدة لم تكن لدى الخليجيين سابقا حتى عندما كانوا محدثي تمدن في الربع الأخير من القرن الماضي فعندما كانوا يسافرون للدول الأجنبية كانوا يحاولون وسعهم مجاراة أنماط السلوك المتحضر، وبالمثل مقاطع التحرش التي يتفاخر بها الشباب، وأيضا مقاطع تعذيب الحيوانات وقتلهم بشكل صادم، وهذه الظواهر ليست معزولة عن الصورة الأكبر لحال العالم العربي والإسلامي حيث بات الاستعراض بأنواع القبائح الصادمة هو نمط سائد لدى الجماعات الإسلامية الإرهابية مثل داعش التي تفننت في طرق القتل والمثلة المحرمة والتي تنوعت بين الذبح والتفجير الجماعي للرقاب بسلك متفجر والإغراق والإحراق والتقطيع وسحق الرأس بطوبة وتفجير الشخص بقذيفة وإجلاس الشخص على حفرة محشية بالمتفجرات والرمي من المرتفعات، وتعتبرها مفخرة أنها جعلت أطفالا بالعاشرة يتصرفون كسفاحين لدرجة أن الطفل يذبح رجلا ويخلع رأسه بيده الصغيرة، كل هذا التبجح والوقاحة في الاستعراض بكل ما هو صادم ومؤذٍ ماديا ومعنويا يعبر عن حقيقة الثقافة العامة السلبية السائدة في العالم الإسلامي والتي تتمحور حول إرضاء غرور الانا بشكل طغياني سلبي وعدم الاهتمام بالتهذيب الجوهري الأخلاقي والسلوكي، ولهذا كثرت جماعة «أحب الصالحين ولست منهم»، فقد فشل صناع الثقافة العامة بشكل ذريع في تكريس ثقافة إيجابية تتضمن قيم وأنماط السلوك المتحضر الواعي الإيجابي المتضمن الافتخار والاعتزاز ليس بالعصبيات والعنتريات وماركات المنتجات واستعراض محدثي النعمة الفج بأموالهم وما يحدث دويا بالصدمة والهول إنما بالإنجازات العلمية والعملية التي توسع آفاق وأعماق الإنسان وتجعل العالم أفضل، لهذا كل الثورات سواء نجحت أو فشلت لن تحدث فارقا حقيقيا في أنماط الواقع الذي ثارت عليه لأن المشكلة هي في الأنماط العقلية والنفسية للثقافة العامة السائدة المفتقرة للقيم الإيجابية في كل المجالات. وخلق ثقافة عامة بديلة هو رهن بصناع الثقافة العامة وعلى رأسهم القائمون على التعليم والإعلام..