الاعتذار يربط بالشجاعة، والجبان لا يعتذر. هذه جملة وردت في مقالة الأستاذ صالح الشيحي عبرتنا قبل أيام، وهو بهذا الاعتذار يجعلنا نستغل يقظة ضميره وخشيته من دعوة المظلوم بأن نطالبه بالاعتذار لألف مثقف ومثقفة. والقصة التي أيقظت ضمير صديقتنا الشيحي أنه كتب قبل سنوات طويلة عن اللاعب عبدالرحمن الرومي، منتقدا إياه لظهوره غير الموفق في أحد البرامج الرياضية، ومنذ سنتين أو أكثر وصلت لهاتفه رسالة مؤلمة من نفس اللاعب لاعتبار ما ورد في المقال إساءة شخصية له، تضرر منها.. وكانت الرسالة التي وصلت للأستاذ صالح الشيحي (كما يقول) أنها تضمنت تعديا صارخا في الدعاء، واللجوء الصريح إلى الله عز وجل.. وقال صالح إن الرجل رفع ملف القضية إلى محكمة السماء، وهذا ما أرق صالح ويشهد الله على ذلك. وإذا كانت رسالة واحدة أرقتك، يا أستاذ صالح، فما بالك بألف دعوة استنصر أصحابها بالله عز وجل بما كتبته عن ملتقاهم الثقافي، وربما نسي بعض المثقفين إساءتك لهم واتهامهم بأقوال ضخمها الناس وأصبحت واقعة مؤسفة سيتذكرها التاريخ بمداده قاني السواد، وستدبج سجلات الحركة الثقافية بأقوالك المفتراة.. وربما نسي البعض فريتك، لكن هناك من ظل يشكوك لرب السماء إلى الآن بما سببت له من أذى نفسي واجتماعي، فإن أخافتك شكوى الرومي، فتذكر بقية الشكاوى المعلقة بين السماء والأرض ومن سيكون خصيمك يوم القيامة. أقول هذا استفادة من يقظة ضمير الأستاذ صالح الشيحي الذي استطاع ترويض نفسه وأظهر اعتذاره للرومي، واصفا ذلك الاعتذار بأنه مرتبط بالشجاعة وأن الجبان لا يعتذر، فأتمنى أن يكون شجاعا بما فيه الكفاية لكي يعتذر لكل مثقف ومثقفة حضروا ذلك الملتقى الذي أهنتهم فيه واتهمتهم بتهم تعد قذفا (هنا نريد التفريق)، ولنقل اعتداء صارخا حمله سوء ظنه. أعلم أن الأستاذ صالح الشيحي كسب كثيرا من تلك الفرية، أعود وأقول كسب كثيرا وفتحت له مكاتب وتوافد على منزله كل من صدق بفريته وناصره من غير دراية مباشرة، نعم ففي تلك الفترة فاضت مكاسب الأستاذ الشيحي، وكانت تلك المكاسب سدا بينه بين التراجع عما قال؛ لذلك اغتنم الفرصة ومضى في حياته وتوسيع مكاسبه، بينما كان آخرون يتحملون محصلة سوء الظن التي حملتها تغريداته، والتي ربت وترعرعت على ألسنة من ناصره من شخصيات اعتبارية تفرغوا للدعاء وتأليب الناس على المثقفين وتشويه سمعة الكثيرين من غير تحرز أو إيمان يردعهم عن فحش خصومتهم.. والآن، فأنا أوافق الأستاذ صالح الشيحي أن الاعتذار عملية ليست سهلة، وأنها من صفة الكبار، فهل يكرمنا الأستاذ صالح بتخصيص جزء صفة الكبار هذه ويعتذر لنا نحن المثقفين الذين طالنا لسانه. ولأن في ذمة الأستاذ صالح الشيحي اعتذارا بامتداد الوطن، فعليه أن يبادر بتحليل نفسه من ألف دعوة من المثقفين (وكلهم مسلمون يؤمنون بيوم الحساب)، وربما كانت دعوة الرومي التي وصلت إلى هاتف الشيحي هي أخفها، فكل المثقفين التجأوا إلى الله؛ لأن تغريدات صالح لم تمض لشأنها، بل تحولت إلى شتيمة يتبجح بها كل ناعق. فهل تعرف، يا أستاذ صالح، بأنك نسيت في ذمة التاريخ فرية ومضيت في حياتك، والبعض ما زال يشكوك لرب السماء، فإن كنت تخافه فعلا وليست في نيتك الاعتذار وتحليل الناس من فريتك فامض إلى ما تشاء، فليس بينك وبين المثقفين أي قضية فكرية أو رأى يختلفون معك في تحليله حتى يجادلوك. القضية ببساطة أنك أطلقت فرية، فرية انطلقت كالنار في الهشيم، ولأنها فرية ليس لها من حل سوى الاعتذار أو تأجيلها ليوم الحساب.. فلك الخيار. وهناك خيار آخر يضم كل الناس الذين سايروا فريتك وبنوا عليها القيل والقال، تصديقا بأقوال حملت مقاصدها على سوء الظن، أن يستغفروا الله لذنبهم .. ولهم الخيار أيضا. وإن كان هناك ملمح ظريف في أقوالك (التي سار بها الركبان) واقترنت بأحد الفنادق فتناقلها الناس صباح مساء، ساعتها كنت أفكر أن أرشدك إلى مورد لزيادة أرباحك أو زيادة ما حصلت عليه بأن تطالب الفندق المذكور بتخصيص جزء من أموال الدعاية إلى رصيدك. وكنت سأفعلها بدلا عنك؛ لأني من المتضررين بأقوالك!.