فوجئ وزير العدل الدكتور (وليد الصمعاني) في زيارة لمحاكم مكةالمكرمة، بعدم وجود القضاة والموظفين خلال أوقات الدوام الرسمي. الزيارة التي لم تكن في الحسبان، أتت من الوزير لتفقد المحاكم وآليات سير العمل فيها خلال شهر رمضان، ليفاجأ بأنه لا يوجد من يسير العمل. وسأل الوزير موظفا متجها لباب الخروج: أين الموظفون؟!، ويبدو أنه لم يعرف الوزير حيث رد عليه قائلا: لا يوجد أحد ماذا تريد ؟!، وكرر الوزير سؤاله عن القضاة، فرد عليه على عجل: لا يوجد أحد لا موظفين ولا قضاة، وتركه وخرج. هذا هو حال قضاة شرعيين يعملون بمحكمه في أطهر وأشرف بلد على وجه الكرة الأرضية، فأين العدل في ذلك؟!، فهل يحق لنا أن نعتبر هذا الغياب الجماعي هو خيانة للأمانة؟!، وهل هم باستهتارهم هذا يحللون رواتبهم فعلا؟!، وأين هم من النزاهة وأين النزاهة منهم؟! ويعتصرني قلبي إذا عرفت أن العاملين في اليابان مثلا، وأغلبهم لا (دين) لهم ولم يتشرفوا بحفظ تعاليم الإسلام التي تكاد أن تعتبر العمل نوعا من العبادة، هؤلاء القوم لا يضيعون من عملهم دقيقة واحدة، فكيف حال جماعاتنا ممن يضيعون الساعات والأيام ولا أقول الأشهر؟!. ومثال آخر عن الأمانة والشجاعة أن وزيرة في دولة اسكندنافية، ملأت خزان سيارتها الخاصة ببانزين مدعوم سعره للسيارات الحكومية، وعندما أنبها ضميرها ولكي تكفر عن خطئها قدمت استقالتها فورا. والسؤال الذي يفرض نفسه علينا ويجب أن نطرحه هو: كم هم عدد الموظفين الحكوميين الذين يستغلون سيارات الوزارات والإدارات الحكومية في مشاويرهم الخاصة، وقضاء حوائج عائلاتهم، دون أن يرف لهم رمش، وكأن ذلك حق من حقوقهم. وما دام الحديث وصل بنا إلى هذا الحد، فقد انتابني فاصل من الضحك المؤلم عندما قرأت الخبر التالي: ألقت السلطات البريطانية القبض على شخص قام بشحن هاتفه الذكي داخل القطار بتهمة سرقة التيار الكهربائي العمومي الذي يندرج ضمن الممتلكات العامة!! فعلا لا بد من إعادة النظر في مدى كفاءتنا في تطبيق مكارم الأخلاق التي بعث رسولنا الكريم ليتمها، وأظن أننا في حاجة قصوى لتأهيل مجتمعنا، لأن هناك ظواهر بدأت تطفو على السطح وهي بالتأكيد لا تبشر بالخير، إنني لا أقول ذلك من باب التشاؤم، ولكنه من باب وضع الأصبع على الجرح. فما هو شعوركم عندما تعرفون أن بوليس (النرويج) لم يطلق خلال العام الماضي (2014)، سوى (رصاصتين) فقط، لم تسفر أي منهما عن مقتل أو إصابة أي شخص، لأنهما ذهبتا في الهواء (للتهويش) لا أكثر ولا أقل. ولدينا بعض الشباب المغرر بهم، من يقتل الواحد منهم أخاه أو أباه أو خاله متوهما أنه بجريمته تلك يملك صك دخوله للجنة. وإلى الآن يشكك أو لا يعترف البعض، أن هناك غسيلا ممنهجا لعقول شبابنا لرميهم بالتهلكة. فأفيقوا لا أبا لكم، فالسكاكين قد وصلت إلى الحناجر، فماذا تنتظرون؟! [email protected]