سبق أن وجهت مقالة لمعالي وزير العدل، حول فوضى المحاكم، والنقص العددي المزري بالقضاة، وما ينتج عن ذلك من (لوعة) تشبه الظلم، لكل من يرميه حظه العاثر في أي محكمة لإنجاز معاملته أو تقديم شكوى وأنا من هذه الناحية بالذات لدي حساسية مفرطة وغير طبيعية. رغم أن معالي الوزير، والحق يقال، يكافح ولا يزال يكافح لتحسين الأوضاع والقضاء على السلبيات. ولكن إليكم ما قرأته موثقا في إحدى الصحف التي جاء فيها: تسبب اقتصار محكمة (تنومة) على قاضٍ واحد أكرر: قاضٍ واحد في تكدس المعاملات في المحكمة وتعطلت كثير من المعاملات، ما أدى إلى تذمر المراجعين. وناشد الأهالي بتدخل وزارة العدل والجهات المعنية في رفع معاناتهم وإنجاز قضاياهم في ظل تكرار تغيب القاضي على حد تعبيرهم الذي زاد من معاناتهم وتكدس المعاملات فترة طويلة. وقال محمد آل معافا: إنني أراجع بشكل متكرر وأتكبد عناء السفر من أبها إلى تنومة من أجل إنجاز معاملة لي تقبع في أدراج المحكمة منذ أشهر، إلا أنه عند وصولي يتبين غياب القاضي دون أي مبرر من الموظفين الذين يؤكدون أن القاضي مقيم في أبها، وفي بعض الأحيان يقولون إنه سيأتي، ثم يفاجأ المراجعون باعتذاره عن المجيء، وعند حضوره يكون من الصعب الدخول عليه، مما يتسبب في تكدس المراجعين ويؤخر دخولهم مكتبه. وأضاف أن من بين المراجعين كبارا في السن ونساء، وفي بعض الأحيان يبقى المراجع في الانتظار من بداية الدوام حتى نهايته ولا يستطيع الدخول أو مقابلة القاضي حتى لو كان من أجل الاستفسار انتهى. وإنني مستعد أن (أراهن) على أن هناك العديد من المحاكم في المراكز والمحافظات والإمارات، الحاصل فيها هو تماما مثل الذي هو حاصل في محكمة (تنومة) إن لم يكن أشد وأنكى. وليسمح لي معالي الوزير لو أكدت له أنه ليس البحر هو الداخل فيه مفقود، والخارج منه مولود، وإنما هي أيضا بعض محاكمنا التي يفترض أنها هي بعد الله الملاذ الأخير لإنصاف الناس، والتسريع بأخذ حقوقهم. الرسول الكريم أوصى بأن يعطى الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، غير أن بعض القضاة هداهم الله هم للأسف لا يحسمون وينهون معاملة صاحب المظلمة إلا بعد أن يتأكدوا أن دمه قد جف تماما. إن الواحد من هذه النماذج إنما هو يطبق حرفيا في عمله المثل الشعبي القائل: جرح في رأس غيري، مثل شطب بجدار. [email protected]