على الرغم من اتخاذ الدولة العديد من القرارات والإجراءات، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، التي تسهم في خفض أسعار العقار في المملكة، إلا أن المواطن ينتظر أن يلمس تأثير تلك القرارات والإجراءات على أرض الواقع، فما يحدث في السوق حاليا هو ركود وليس تراجعا في الأسعار، بدليل أن الراغبين في شراء الأراضي، أو شقق التمليك، أو حتى الاستئجار، لن يلاحظوا حاليا أي فرق في قيمتها عما كان عليه وضعها قبل سن تلك القرارات، بل ربما سيصطدمون بأن أسعارها ارتفعت عما كانت عليه قبل اتخاذ تلك التدابير. وما يثير الاستغراب هو تحدث كثير من العقاريين عن تراجع في أسعار العقار، بعد أن خصصت الحكومة 20 مليار ريال من أجل إيصال الخدمات لأكثر من مليوني قطعة أرض واستمرار وزارة الإسكان في تسليم منتجاتها، وتطوير مخططاتها، وصدور الموافقة على إيصال التيار الكهربائي إلى الكثير من المناطق العشوائية، فضلا عن الرهن العقاري، والقرار الاقتصادي التاريخي المتضمن فرض رسوم على الأراضي البيضاء (غير المستثمرة)، الذي توقعوا في حال تطبيقه سينهي احتكار الأراضي ذات المساحات الكبيرة داخل النطاق العمراني للمدن، لكن للأسف لم يظهر أي تأثير لكل ذلك على أسعار العقار بشكل لافت وملحوظ، والانخفاضات السعرية التي شهدها السوق العقاري لأول مرة خلال الفترة من 2006 إلى 2014 تعتبر محدودة جدا، بالمقارنة مع الطفرة السعرية التي طرأت على أسعار الأصول العقارية المختلفة، التي وصلت إلى أكثر من ثمانية أضعافها خلال الفترة المشار إليها، فسوق العقار السعوي، كما ذكرت آنفا لا يشهد تدنيا من حيث الأسعار، إنما كساد وترقب لنتائج عمل وزارة الإسكان التي ستعطي الضوء الأخضر للمشاريع المقبلة، وربما ستبدأ الأسعار بالانخفاض بشكل تدريجي في المناطق التي ستشهد إقامة مشاريع سكنية كبيرة. وعلى الرغم من أني استصعب تراجع الأسعار في مدينة حيوية وصاخبة مثل جدة، التي تقفز فيها قيمة العقارات لمستويات خيالية، ولا تهبط بل يصيبها قليل من الركود، لمعاودة الصعود مرة أخرى. واستبعد أن يتسبب قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء في انخفاض حاد في أسعار الأراضي في المملكة عموما، لأن السوق استوعب بالفعل تأثير القرار منذ شهور، خصوصا إذا ما علمنا أن غالبية الأراضي (غير المستثمرة) في السعودية مملوكة لرجال أعمال وشركات وأفراد أثرياء يحتفظون بها دون تطوير ربما للرغبة في ارتفاع أسعارها لاحقا أو لصعوبة تطويرها سريعا في ظل تعقيدات روتينية وتحمل تكلفة تزويدها بالخدمات والبنية الأساسية.