مشهد لا يمكن وصفه إلا ب(خلية نحل)، هذا الذي يجري يوميا بل في الدقيقة الواحدة أمام مبنى محطة النقل الجماعي في وسط جدة قريبا من بحرها خصوصا في هذه الأيام بعد انقضاء موسم شهر رمضان المبارك، وأيام العيد ومواعيد العودة بعد التنزه والمعايدة إذ يزدحم المكان بعشرات من سائقي الأجرة ومن يطلق عليهم ب(الكدادة) الذين يكدون ليلا ونهارا لاصطياد زبون مسافر إلى أي وجهة وأي مكان. اصطياد المغادر يتم على مسافة من بوابة النقل الجماعي حيث تبدأ المساومات والمناقصات والقبول والرفض وتتعالى أصوات الكدادة كل يلحن حتى يظفر بزبون يعوضه ساعات الانتظار الطويل في محيط مكان مزدحم في عز الظهيرة. هؤلاء يسهمون في قطع الطريق على القادمين إلى المحطة وإغراء الركاب بعروضهم المغرية وأسعار رحلاتهم البسيطة التي تدفع المسافر المتعجل إلى القبول بالعرض.. سعر في متناول اليد ووصول أسرع إلى أي مكان في المملكة.. ويلجأ الكدادة إلى ترويع الزبون بمزاعم عن تأخير رحلات النقل الجماعي وتعطل حافلاته وطول ساعات الرحلة وهو أسلوب درج عليه القلة منهم بقصد كسب الزبون بأي ثمن أو أي وسيلة فالغاية عند بعضهم تبرر الوسيلة الأخطر. المبيت هنا وينسى هؤلاء أن رحلات الجماعي هي الآمن والأسهل والأيسر والأريح مهما تعددت المزاعم وعاشت «عكاظ» ساعات في منطقة محطة النقل الجماعي إذ لاحظت أن كثيرا من سائقي الخصوصي (الكدادة) يضطرون إلى المبيت جوار المحطة حتى يتسنى لهم مباشرة العمل بهمة ونشاط استعدادا للمرحلة الجديدة من يومهم المليء بالتعب والعمل المضني والانتظار الممل بدءا من البحث عن الركاب والتقاطهم قبل الوصول إلى بوابة المحطة وما يلزم ذلك من الحفاظ عليهم وسجنهم داخل المركبة، حتى لا يتسرب المسافرون إلى مركبة أخرى، مرورا بمخاطر الطريق خصوصا المسافات الطويلة منها، وانتهاء بإنزال الركاب كل في منطقته ومحطته النهائية. هاربون من الطيران سعيد عامر أحد العاملين في هذا المجال يقول إن سبب إقبال الناس على (الكدادة) يعود إلى رغبة المسافرين في اختصار مشوار ورحلة السفر الطويل عبر حافلات النقل الجماعي التي تستوجب أحيانا الحجز والانتظار وخلافه، إذ أن أغلب المسافرين من محطة النقل الجماعي هاربون من زحام المطار وارتفاع قيمة بطاقات السفر عبر الطائرات أو صعوبة الحجز أو من أصحاب الظروف الطارئةالتي اضطرتهم إلى ركوب الصعاب. أرباح ولكن يرى أبو سلطان أن هذه المهنة تدر عليهم مبالغ طائلة ومكاسب طيبة ويقول إنه في ظل قلة عدد حافلات النقل الجماعي يزداد الطلب عليهم كما أن السيارات الصغيرة أسرع وأقل سعرا كما يقولون فضلا عن أن المسافر يجد راحته في المركبة الصغيرة في جوانب التوقف في أي مكان حسب رغبة الزبون على النقيض من رحلات الجماعي التي لا تتوقف إلا وفق برنامج صارم ومحدد فالزبون مع الكدادة دائما على حق حتى أن بعض الكدادة يتسامحون مع زبائنهم ويوصلونهم إلى أبواب منازلهم وهنا يكمن الفرق. أكبر مكسب محمد منان الباكستاني الجنسية مقيم في الرياض جرب السفر أكثر من مرة عبر ناقلات النقل الجماعي وهو حريص على ذلك ولا يتعامل مطلقا مع الكدادة ويقول مبررا إنه ينشد الراحة والأمان وتقيد سائقيها بالسرعة المحددة والتزامها بخط سير محدد بعيدا عن أمزجة السائقين على خلاف ما يحدث مع الكدادة، كما أن سائقي النقل الجماعي يلتزمون بشروط محددة ويتمتعون بمهارة عالية وفن في القيادة على عكس بعض الكدادة المراهقين الذين لا يراعون سلامة الركاب وينشدون تحقيق أكبر مكسب في أقل وقت وهو ما يهدد سلامة الركاب في حياتهم. صمت في الجماعي أما سالم حمدان فقال إن وجود كثافة في أعداد المسافرين عبر النقل الجماعي، وخصوصا في المواسم كرمضان وغيره يضطر المسافر إلى البحث عن سيارات أجرة أو سائقي نقل (خصوصي) مطالبا النقل الجماعي بمراعاة هذه الملاحظة في موسمي الحج والعمرة على وجه التحديد والعمل على زيادة الرحلات واستقدام مزيد من الحافلات مع منح تخفيضات وحوافز دائمة للمسافرين على رحلاتها. «عكاظ» تواصلت مع مدير العلاقات العامة بشركة النقل الجماعي (سابتكو) محمد الخميس بعد امتناع مدير محطة جدة عبدالرحمن الجهني عن الرد، إذ طلب الأول مهلة للرد امتدت حتى وقت كتابة هذا التقرير، ولم تجد الصحيفة أي رد حتى اللحظة.