توقع مختصون أن يشمل صندوق حماية الودائع المصرفية الذي دعت مؤسسة النقد إلى إنشائه خلال العام الحالي 90 في المئة من مودعي البنوك بحماية مدخراتهم النقدية في حال حدوث أي طارئ. وقالوا: إن الصندوق الذي ستغطي الودائع من خلاله حتى مبلغ 200 ألف ريال من مبلغ كل وديعة، مع تمويل هذا المشروع من صندوق تؤسسه المصارف خصيصا لهذا الغرض، يغطي حالات الطوارئ، وتساهم البنوك في ضخ السيولة اللازمة لإنشائه. بداية بين المتخصص في مجال البنوك والنقود وإدارة المخاطر الدكتور عبدالرحيم الساعاتي أن معظم دول العالم لديها آلية لحماية صغار المودعين، وتلزم البنوك بحماية أموال المودعين فيها وتأمين تلك الودائع في حال طلبها، إضافة لقيام البنوك بالمساهمة في إنشاء ما يشابه هذه الصناديق، مع وضعها لنسبة من الودائع فيها. مبينا أن الحد الأقصى المذكور في هذا الصندوق والبالغ 200 ألف ريال فقط في حال حدوث أمر سلبي طارئ – لا قدر الله - لأي من البنوك فسيساهم هذا الصندوق في تحمل الصدمة، بإعادة المبالغ للمودع بالحد الأعلى الذي حددته المؤسسة. وأوضح أن الجهات الحكومية وخاصة مؤسسة النقد تمنع من سقوط أي بنك أو انهياره، وتلجأ مباشرة للتدخل السريع لإنقاذ أي بنك يتعثر وتضع مجلس إدارته، ولكن العالم يتطور ويتطلب المزيد من الخطوات الإضافية، ما دفع بها لحماية أملاك المودعين عبر هذا الصندوق. وأفصح الساعاتي أن الخطوة التي اعتمدتها مؤسسة النقد ذكية لتعالج البنوك بذاتها المشكلات التي قد تواجهها مستقبلا بدلا من تدخل الجهات الحكومية لعلاجها، فمن الأفضل الاعتماد الذاتي للبنوك وللجهات الخاصة لتأمين استقرار اقتصادها. وقال إنه في حال حدوث أي أمر طارئ لأي من البنوك، يتدخل الصندوق وتعد الخطوة رائعة للحد من أي سقوط، فهذه الخطوة تحمي الاقتصاد والمودعين، ولا تسمح الجهات الحكومية بسقوط أي بنك كما حدث سابقا عندما تعثر بنك القاهرة السعودي، وكذلك بنك الرياض عندما تعرض لمشكلة مشابهة، فسرعان ما تلجأ الجهات الحكومية للتدخل ومعالجة الوضع قبل حدوث السقوط. وعن اقتصار استفادة صغار المودعين من هذه الخطوة، بين الساعاتي أن 90 % من المودعين في البنوك هم من صغار المودعين، وهم يشكلون الغالبية العظمى، وهذا الصندوق لا يفرق بين شخص وآخر، فالتعويض له حد أعلى، مبينا أن توزيع الحسابات المصرفية على أكبر عدد من البنوك يضمن أكبر قدر من الحماية للأموال، بوضع المبالغ المالية في أكثر من بنك لن يفرق كثيرا، وهذا الصندوق تم تخصيصه للأزمات، وأن كبار التجار وأصحاب الثروات الكبرى نجدهم غالبا ما يتملكون حسابات في مصارف دولية دون اقتصارهم على مصارف محلية. وتطرق لما يحدث في أمريكا من قيامها بنفس الخطوة عبر شركة التأمين الفيدرالية. وأوضح أن الصندوق الذي أنشأته مؤسسة النقد أقرب للتأمين التعاوني. من جهته، أوضح الخبير المصرفي فهد مزاحم أن هذا الصندوق، الذي أعلنت مؤسسة النقد عن إنشائه لحماية الودائع، هدفه الرئيسي حماية وتعزيز الاستقرار المالي والثقة، وأنه سيطبق التأمين على جميع الودائع سواء الخاصة بالأفراد أو الشركات أو المؤسسات. مبينا أن البنوك هي من ستمول هذا المشروع وليس الأفراد، مشيرا إلى أن التفاصيل بشأن الصندوق لم تتضح حتى الآن بشكل موسع، ولكن الموضوع بشكل مختصر هو صندوق مختص بالأزمات إن حدثت لا سمح الله، وقد لا يشعر المودع البسيط بهذا الصندوق. وعن الخطوة الأفضل للأفراد ذكر مزاحم أن تقسيم الودائع في أكثر من مصرف يعد الخطوة الأفضل، ولكن هذا الصندوق قد لا يتم اللجوء له إلا في حالات ضيقة جدا وقد لا يتم اللجوء له أساسا. وكشف الكاتب الاقتصادي غسان بادكوك أن هذا الصندوق من المؤمل أن يلعب دورا مهما أوقات الأزمات، وقد يؤدي إنشاؤه إلى مبادرة من قبل مؤسسة النقد لتخفيف نسبة الثلاثين بالمئة التي تشترطها البنوك كدفعة أولى للتمويل العقاري للأفراد، الأمر الذي سيسهم في مساعدة الكثير من المواطنين على امتلاك مساكنهم الخاصة. وبين بادكوك أن مؤسسة النقد لعبت على مدى العقود الماضية دورا كبيرا في استقرار التعاملات المصرفية وحماية أموال المودعين لدى المؤسسات المالية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تعد إضافة جديدة لما هو قائم حتى الآن، وأنها ستساهم في تعزيز النظام المصرفي السعودي. وفيما يختص بتوزيع الودائع من قبل المودع لأكثر من مصرف بين غسان أن هذا سيساهم في توسيع مظلة الحماية للعميل الواحد، منوها بأنه من الممكن رفع السقف الأعلى من 200 ألف ريال خلال الفترة المقبلة لزيادة المردود الإيجابي من هذا الصندوق. وتطرق إلى أن هذه الصناديق منتشرة منذ عقود خصوصا في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية، وظهرت فوائدها مرارا من خلال عجز المقترضين عن السداد الكلي أو الجزئي وكانت لها فوائدها، ولكن لوحظ خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008 م عدم تمكن الصناديق من القيام بدورها على الشكل المطلوب، وذلك لضخامة وعمق المشكلة آنذاك، ما اضطر كثير من الحكومات التدخل بشكل مباشر من أجل حماية اقتصاداتها، والإبقاء على تماسك المؤسسات المالية من الانهيار.