إن لمن الحرمان العظيم، والخسارة الفادحة، أن نجد كثيرا من المسلمين، تمر بهم هذه الليالي المباركة، وهم عنها في غفلة معرضون، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم، فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب، وفيما لا فائدة فيه، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر، ليست له هذه الفضيلة والمزية. وتجد بعضهم إذا جاء وقت القيام، انطرح على فراشه، وغطّ في نوم عميق، وفوت على نفسه خيرا كثيرا، لعله لا يدركه في عام آخر. ومن خصائص هذه الليالي ما ذكرته عائشة من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحيي ليله، ويشد مئزره، أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحيي هذه العشر اغتناما لفضلها وطلبا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. فمن وفق لقيام هذه الليلة وأحياها بأنواع العبادة، فكأنه يظل يفعل ذلك أكثر من ثمانين سنة، فياله من عطاء جزيل، وأجر وافر جليل، من حرمه فقد حرم الخير كله.