يحرص المسلمون في العشر الأواخر على اغتنام هذه الأيام تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وحرصه عند حلول العشر الأواخر على شد مئزره وإيقاظ أهله وإحياء ليله، فضلا عما تمتاز به هذه الليالي من فضائل، أبرزها: الحرص على موافقة ليلة القدر لما تمثله من أهمية، وما تحويه من خير. شرعيون أوضحوا أن ليالي العشر من أهم أوقات العام، منوهين بأن العامل إنما يوفى أجره إذا انقضى عمله، لافتين إلى أنها ليال تعتق فيها الرقاب وتطلب فيها المغفرة، مشيرين إلى أن الاعتكاف هو من أكثر الأعمال التي حرص النبي صلى الله عليه وسلم عليها في العشر ذاكرين أن آخر عام من حياة النبي اعتكف عشرين يوما في المسجد. أكد عضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبد الله المطلق على أهمية اغتنام العشر بالطاعات، وعدم تضييعها فيما لا فائدة فيه. وتطرق إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على اغتنام رمضان كاملا وخصوصا العشر الأخيرة، مسلطا الضوء على أبرز ملامح العشر الأخيرة وهي ليلة القدر، مبينا أن موعدها ليس ثابتا قائلا إنما تتنقل بين ليالي العشر الأخيرة من رمضان، وهذا يتطلب مزيدا من العبادة والطاعة، دونما الاقتصار على الليالي الفردية، إذ يمكن حلولها في الليالي الزوجية. وقال ينبغي لمريد خيرها الاجتهاد في طلبها دون فوات ليلة منها، موضحا أنها فرصة عظيمة يتسابق الناس إليها، مشيرا إلى أفضل الدعاء في ليلة القدر والذي علمه صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها: (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني). وبين المطلق إن اختلاف الناس في رؤية ليلة القدر في العشر الأواخر كان موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، مستدلا بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر). مشيرا إلى أن ذلك لا يعني اقتصاره على السبع الأواخر، بل وردت ليلة القدر في العشر الأواخر. تكثيف العبادات وبين الداعية الإسلامي عادل باناعمة، أن العشر من أهم الليالي التي يمر المسلم بها مطالبا الحرص على عموم الطاعات وتكثيف قراءة القرآن. مبينا ضرورة الحرص على هذه الليالي وعدم تضييعها فيما لا يعود على الإنسان بالفائدة. وأشار إلى أهمية ذكر الله والحرص على أداء التراويح والتهجد أملا في موافقة المرء لليلة القدر والتي وصفها الله بأنها أفضل من ألف شهر، حيث قال عنها أيضا: (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) والملائكة لا تنزل إلا بالخير والبركة. اجتهاد خاص من جهته، بين الداعية سالم حميد أن عشر رمضان الأخيرة فيها الخيرات والأجور الكثيرة إذ من خصائصها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد فيها مالا يجتهد في غيره وكان عليه السلام يخلط في العشرين الأولى من رمضان بين النوم والقيام فإن حلت العشر الأخيرة شمر واجتهد، بل اعتكف في آخر سنة من حياته عشرين يوما. وذكر أن اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فيها كان شاملا لكافة العبادة من صلاة وقرآن وذكر وصدقة وغيرها، مبينا أن النبي كان يحي هذه الليالي بقلبه ولسانه وجوارحه نظرا لأهميتها وتحريا لليلة القدر والتي جاء عنه صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر غفر له ما تقدم من ذنبه)، مبينا أن ظاهر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يحيي ليله كله. وذكر أنه في آخر ليلة من رمضان تعتق الرقاب فيها بقدر ما عتق طيلة الشهر. مكانة كبيرة إلى ذلك بين رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة المهندس عبدالعزيز حنفي، أن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على قيام العشر نظرا لمكانتها وأجرها الكبير إذ تكون أحيانا فرصة العمر، قائلا هي غنيمة لمن وفقه الله لها، مطالبا عامة المسلمين عدم تضييع هذه الليالي لأنها فرصة ثمينة للنفس وللأهل، مبينا أن الإنسان ربما أردك فيها نفحة من نفحات المولى فتكون سعادته في الدارين. وبين أن الخسارة الفادحة في تضييع الكثيرين لأوقاتهم الثمينة، قائلا هذا حرمان وخسارة في الدارين، لافتا إلى أن البعض يسهر فيما لا فائدة فيه، فإن حلت آخر ساعة من الليل وفيها ينزل الله سبحانه وتعالى إلى سماء الدنيا ناموا، وفوتوا على أنفسهم خيرا. وذكر حنفي، أن من خصائص العشر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فيها مشيرا إلى أن المقصود بالاعتكاف هو انقطاع الإنسان للعبادة طلبا للأجر والثواب. مطالبا عموم المسلمين الاشتغال بالذكر والقرآن والدعاء والقيام فهي أيام ربما لا يدركها الإنسان في العام القادم. استعداد خاص أما إمام جامع الملك سعود في جدة سعيد القرني فأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا حلت العشر الأواخر أحيا ليلة وأيقظ أهله وشد مئزره. ولفت إلى ضرورة اغتنام هذه الأيام إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على الاعتكاف، كما يحرص على تحري ليلة القدر. وبين أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الاجتهاد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره، وذكر أنه عليه السلام كان أجود ما يكون في رمضان إذ كان أجود من الريح المرسلة. خير الأوقات بدوره أوضح عميد كلية الشريعة سابقا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سعود الفنيسان، أن الليالي التي نمر بها من خير الأوقات إذ تحوي على أعظم ليلة وهي القدر والتي وصفها الله بقوله: (ليلة القدر خير من ألف شهر). قائلا من وفق فيها فقد سعد في الدارين، ولن يشقى فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر غفر له ما تقدم من ذنبه)، متمنيا أن ينعم الله في هذه الأيام على المسلمين المستضعفين بالنصر. وشدد على ضرورة اغتنام هذه الليالي في كل ما فيه خير للمرء، مطالبا الآباء والمربيين متابعة من يعولون ونصحهم على اغتنام العشر. وحول ليلة القدر فنفى الفنيسان وجود علامات كونية تشير إليها، قائلا إنما تكون في العشر الأواخر في الأوتار. ونوه بأن العلامات المذكورة عن ليلة القدر لم ترد سوى عند بعض التابعين أو الصالحين، مشيرا إلى أن كلامهم في ذلك يؤخذ ويرد. وأوضح أن مما يستدل به على ليلة القدر عدم وجود شعاع للشمس في صبيحة يومها أو عدم سماع نباح الكلاب أو نهيق الحمير، قائلا لا صحة لذلك والسبب عدم وجود أدلة قطعية تثبتها، معربا أن معظم العلامات لا تحمل إثارة من علم. وأفاد أن ليلة القدر لا يصح الجزم بمصاحبتها لتغييرات جوية أو مناخية وإنما هي السكينة التي يشعر المؤمن بها ويحس أثرها. وعزا عدم ظهور علاماتها لحكمة إلهية ليجتهد الناس في العبادة. ليالٍ مباركة الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء الدكتور محمد النجيمي لفت إلى أن هذه الليالي مباركة والمسلمون منذ كانوا في عهد النبوة وهم يحرصون على اغتنامها، ويفرغون أنفسهم لذلك. واستاء ممن لا يغتنم هذه الأيام، لافتا إلى ضرورة تهيئة الإنسان نفسه للعبادة كونها أيام قلائل، وقد لا يضمن الإنسان أن يدركها العام القادم. وأشار إلى أننا ينبغي أن نكون من السابقين إلى الخيرات المبتعدين عن المنكرات، مطالبا العموم بضرورة إخلاص النيات وتصفية النفوس من الضغائن والأحقاد. وذكر أن هذه الأيام فاضلة والنبي صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها خاصة وأنها تحوي ليلة هي خير من ألف شهر. وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم يخلط ليالي رمضان بالقيام والنوم لكن إن حلت العشر الأخيرة فيقضيها في القيام. ولفت إلى سنة تشتهر العشرة الأواخر بها وهي اعتكاف المصلين ولزومهم المسجد للعبادة والتفرغ.