«اريد أن أهاجر لكنني لا أريد أن أغرق في البحر، ولا أريد أن أعود إلى بلدي أو أبقى هنا في لبنان وأموت بردا وجوعا».. جملة أوردها كاتب مسلسل «غدا نلتقي» إياد أبو الشامات، وأخرجها رامي حنا، وقدمها مكسيم خليل الذي يلعب دور جابر. غدا نلتقي.. مسلسل سوري يعرض على عدة فضائيات خلال شهر رمضان، وخطى طريقا خاصا له وسط الكم الهائل من المسلسلات المعروضة؛ طريق بملامح مختلفة عن كافة المسلسلات من حيث النص أو أداء الممثلين أو الفكرة المقدمة. المسلسل أخرج النجمات المشاركات من تفاصيلهن الانوثية وقام بتفريغهن لأداء درامي بعيدا عن المغريات تماما كما فعل مع النجمة كارس بشار التي تقدم أداء لربما يجعلها بين الممثلات في الدراما الرمضانية لهذا العام، فتطيح بالعارضات اللبنانيات ومشاريع المطربات أصحاب القامات الازيائية، إن صحت العبارة. أجاد إياد أبو الشامات أن يصوغ المعاناة السورية بكامل تفاصيلها، معاناة النزوح إلى محطات عربية متخذا من لبنان نموذجا بانتظار الانتقال إلى عواصم غربية تحفظ للإنسان كرامته أو ربما تضع نقطة نهاية للمآسي التي عاشها. واستطاع أبو الشامات رصد تفاصيل المعاناة اخلاقيا واجتماعيا وسياسيا، لقد عرف كيف يجمع الموالي والمعارض في نفس الغرفة، بل في نفس النسل عبر مكسيم خليل وعبدالمنعم عمايري في دور الأخوين جابر ومحمود. كما أن أبو الشامات لم يكتف بحكاية واحدة تغرق المتابع المشاهد في الرتابة والملل بل أفرز الكثير من الحكايات المرافقة للحكاية الأم، وهو ما جعله يتميز عن الآخرين، فاستدرج المشاهد إلى بناية النزوح والتي تشكل موقع الحدث الأساس. لقد عمد إياد ابو الشامات الى استنساخ تجربة «بانسيون» نجيب محفوظ في رواية ميرامار، حيث يتشارك الأبطال المكان نفسه إلا أنه ذهب أبعد من بانسيون محفوظ الى الاستعانة بالأمكنة المفتوحة وبالمركبات الناقلة التي تمثل البؤس وتداعياته. إياد أبو الشامات هو ورامي حنا أبدعا إلا أن إبداعهما ما كان ليتجلى عملا فنيا مبدعا لولا الأداء المتميز لكل العاملين في «غدا نلتقي». البطولة لم تكن لكارس بشار ومكسيم خليل وعبدالمنعم عمايري فقط، بل حتى الأطفال المشاركون في هذا العمل أجادوا وأبدعوا.